اقتصاد وأعمال

تقلبات عالمية وتحديات داخلية .. أزمة قطاع الصادرات تتعمق

يواجه قطاع الصادرات السوداني تحديات كثيرة، تزداد عمقاً مع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا وتأثيرها على الأسواق.

وتشير الأرقام الرسمية إلى امتلاك السودان 175 مليون فدان صالحة للزراعة، ومساحة غابية بـ 52 مليون فدان و102 مليون رأس من الماشية تتحرك في مراع طبيعية تُقدر مساحتها بـ 118 مليون فدان، فضلاً عن معدل أمطار سنوي يزيد عن 400 مليار متر مكعب.

إلا أن سلة أفريقيا الغذائية لا تزال مثقوبة بأزمات تبدد الآمال بزيادة العائدات. الموارد الزراعية والثروة الحيوانية الكبيرة لا تنعكسان زيادة في نشاط المصدرين. يأتي ذلك رغم الطلب العالمي المرتفع على المنتجات الزراعية السودانية الأساسية، المُمثلة بالفول والذرة والكركدى والصمغ العربي والسمسم وغيرها من المحاصيل، خاصة خلال مرحلة اضطراب الإمدادات العالمية.

فقد تراجعت صادرات السودان بنسبة كبيرة قدّرها مختصون بأكثر من 30% في العام 2020 مقارنة بالعام 2019، ولكنها زادت بنسبة 60 في المائة خلال النصف الأول من العام 2021 إلى أكثر من مليار دولاري ولكن السبب لا يرتبط بالمحاصيل، وإنما بصعود صادرات الذهب.

بيانات رسمية

وأظهرت بيانات البنك المركزي أن الذهب جاء في صدارة قائمة الصادرات، حيث صدر السودان 16.7 طن بقيمة مليار دولار. ومن بين الصادرات الرئيسية الأخرى، الفول السوداني والسمسم والماشية.

وشرح مصدرون أنه يوجد تعقيدات تعترض طريق الصادرات، حيث يضطر المصدرون إلى دفع 34 رسماً بعضها ليس له صلة بالصادرات، إلى جانب ثلاثة رسوم من هيئة المواصفات والمقاييس والصحة، إضافةً إلى رسوم تصريح من مديرية الغابات وإبراء ذمة من ديوان الزكاة، وأوضحوا أنه في ظل هذه التعقيدات لم تتمكّن الصادرات السودانية من القيام بدورها والنهوض ورفع مُساهمتها في الاقتصاد القومي.

وقال المصدّر إسحق محمد آدم، إن عدم وجود سياسات واضحة وداعمة للقطاع في ظل ارتفاع مُعدّلات التضخم، يؤدي إلى ضعف التنافسية، كما أن الرسوم تضاعف تكلفة الإنتاج وتعمل على تقليل قدرة المنتج المحلي على ولوج الأسواق العالمية.

وانتقد آدم، الإجراءات الأخيرة التي أقرّتها الحكومة، خاصة تحرير أسعار الوقود الذي انعكس سلباً على نقل البضائع إلى الموانئ، كما أن المشاكل الموجودة في القطاع المصرفي تعتبر سبباً في ضعف حركة الصادرات.

تصحيح مسار الصادرات

وكان اتحاد الغرف التجارية، قد أكد مؤخراً أن الصادرات السودانية قادرة على أن تصبح قاطرة الاقتصاد الوطني برفع مُساهمتها على المدى المتوسط في الاقتصاد بقيمة تقدر بحوالي 5 مليارات دولار خلال ثلاث سنوات وتحقيق عائدات بقيمة 10 مليارات دولار خلال فترة من 8 إلى 10 سنوات.

بيد أن الاتحاد رهن تحقيق هذا النمو بتأسيس تعاون وتنسيق حقيقي بين الاتحاد وأجهزة الدولة الرسمية لرسم سياسات علمية متفق عليها لتنمية الصادرات وإيجاد الحلول لكافة مشاكله وقضاياه.

إمكانية رفع الصادر

وقال د. محمد الناير أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية، إنه يمكن أن تصل صادرات البلاد إلى 30 مليار دولار إذا وضعت خُطة في المديين القصير والمتوسط والبعيد.

استثمارات ضائعة
فالسودان، وفق الناير، يمتلك المواد الطبيعية والذهب. وتابع: إنه “إذا اتبعت سياسات واضحة وتم إطلاق بورصة للذهب مع تطبيق سعر عادل وتخفيض تكلفة المصفاة وتخفيف القيود التي تؤدي إلى التهريب، يمكن للبلاد توفير 4 مليارات دولار سنوياً”.

أما المعادن الأخرى فهي لم تُستثمر بصورة جيدة، وفقاً للناير، كما أن صادرات الصمغ العربي الحالية تقدّر بحوالي 120 مليون دولار سنوياً، يمكن أن تتضاعف إذا تم تغيير آلية التصنيع. كذا بمقدور البلاد دعم المسالخ والمصنوعات الجلدية وإيقاف صادرات الماشية الحيّة ومضاعفة عائدات القطاع إلى 3 مليارات دولار، وقال إنه لن يتحقّق ذلك إلا إذا توافرت الإرادة “فهنالك عقبات وقرارات حكومية تُعيق التطوير وتوجد منافسة غير شريفة تُشكِّل عائقاً كبيراً”، وأضاف “إذا تم تصنيع الحبوب الزيتية والاستفادة من بذور الأقطان لإنتاج الزيوت، يمكن تحقيق دخل إضافي”، لافتاً إلى الحاجة “إلى خطة استراتيجية على أن تنفذ شراكة ما بين القطاعين العام والخاص لتطوير القطاعات”، وأكد الناير على أهمية تطوير آبار النفط واكتشاف حقول جديدة ما يُساعد في زيادة حجم الصادرات، كما أن العائدات السياحية يمكن أن تصل إلى 10 مليارات في السنة بدلاً من مليار دولار، حيث هناك مواقع بحرية لم تُستغل مثل جزيرة سنجنيب في ولاية البحر الأحمر، وكذا جبل مرة في غرب البلاد، ومحمية الدندر في الجنوب والنقعة والمصورات في شمال البلاد، هذه كلها مناطق سياحية واعدة لم يتم استغلالها حتى الآن، وقال “لا بد أيضاً من وجود تناغُم بين السياسات النقدية والمالية لتنفيذ تلك الاستراتيجية، فهنالك تخبُّط في السياسات الاقتصادية ترهق كاهل المنتج والمصنع، في ظل وجود سياسة نقدية تعمل على خفض قيمة الجنيه السوداني”.

أزمات القطاع

ورأي الاقتصادي الفاتح محجوب أن قطاع التصدير في السودان يواجه الكثير من الأزمات، فيما المصدرون في السودان هم أقرب إلى سماسرة، وشرح أن السودان يمتلك موارد قادرة نظرياً على بناء قطاع إنتاجي في مجال اللحوم، وقادرة أيضاً على توفير صادرات تزيد قيمتها عن عشرة مليارات دولار، لكن على أرض الواقع لا توجد مزارع تسمين تعمل وفق المواصفات العالمية ولا توجد مسالخ كافية تلتزم بالمواصفات العالمية “ولهذا يتم تصدير الماشية الحيّة بدلاً من اللحوم، وحتى تصدير الماشية يُعاني من العجز عن الالتزام بشروط التصدير للأسواق الإقليمية خاصة السعودية”، واعتبر “تصريحات الغرف التجارية مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، إذ أن معظم هؤلاء غير مُنتجين وليسوا جزءاً من خطة إنتاجية وبالتالي يطلقون تصريحات لا يعرفون كيفية تنفيذها”، وأكد وجود حاجة ماسّة إلى بناء شركات مُتخصِّصة في إنتاج اللحوم وأخرى في مجال إنتاج الفول السوداني وأخرى للسمسم مع تكوين شركة مُختصة لكل سلعة، على أن تكون 80% من أسهمها للمصارف والإبقاء على بقية الأسهم للمصدرين الحاليين، ولفت إلى أنه بعد تكوين الشركات الإنتاجية يُمكن أن تنسحب المصارف تدريجياً إلى امتلاك نصف الأسهم لصالح الشركات الإنتاجية، وقال إنّ الوضع الحالي كارثيٌّ في قطاع التصدير ويصعب تطوير الصَّادرات السُّودانية من دون العمل على الكادر البشري وتطوير الجانب الإنتاجي في القطاعات المستهدفة.

الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة

‫2 تعليقات

  1. المواشي دي احسن تبيعوها حية لانو سوف تبوز وتعفن اذا حاولتوا تبيعوها لحمة لانها عاوزة ثلاجات وكهرباء ومدة الصالحية حقتها قصيرة الإ اذا جاءتكم طلبات واحسن في حالة اللحوم يكون حسب الطلب يعني لايتم الذبح والقطع الإ بعد تجيكم طلبية من دولة ما

  2. الخروج من الأزمة دي لازم تحل مشكلة الصادر اذا حلت مشكلة الصادر تحل اغلب المشاكل الاقتصادية اكثر من نصف الشعب يعيش علي عائد المحصول وافتكر امر الرسوم شى مقصود لتدمير الصادر