المركزي السوداني يتدخل لإنقاذ الجنيه
قرر البنك المركزي السوداني التدخل في سوق النقد بهدف إنقاذ الجنيه من التدهور المتواصل أمام الدولار في السوق السوداء.
وضخ البنك المركزي خلال اليومين الماضيين كميات من النقد الأجنبي في محاولة لمنع إنفلات العملة الأميركية، وأسهم ذلك في تراجعها إلى ما بين 570 و580 جنيها في السوق السوداء أمس الخميس، غير أنه لا يزال في خانات مرتفعة، وفي المقابل، يبيع المركزي الدولار بنحو 540 جنيهاً.
وأكد البنك المركزي في بيان له، مؤخراً، أن المرونة التي انتهجها في إطار إدارة سياسة النقد الأجنبي،بالإضافة إلى مصادر أخرى، مكنته من بناء احتياطيات خارجية مقدرة ومتنوعة تمكنه من ضخ نقد أجنبي للمصارف، لمقابلة احتياجات عملائها من النقد لتقليل الطلب عليه من السوق الموازي.
وكشف البنك المركزي في الوقت نفسه عن تغييرات شاملة لمنهجية إدارة سعر الصرف وعمليات الصادر والاستيراد وتصدير الذهب، وإعداد خطة عاجلة للحد من الافراط النقدي لخفض التضخم واستقرار سعر الصرف.
ووصف عدد من مديري المصارف السابقين والحاليين قرار بنك السودان المركزي بالتدخل في سوق النقد الاجنبي بأنه يعني العودة ضمنيا لسياسة المرونة في إدارة سعر الصرف والنكوص عن سياسة تحريره.
وقال المدير العام لبنك الأسرة صالح جبريل، لـ”العربي الجديد”، إن قرار التدخل في سعر الصرف يعني ضمنيا العودة لسعر الصرف المرن المدار، وهو قرار لن ينجح في الحد من انفلات سعر الصرف بالبلاد بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وضعف الصادرات.
وقال جبريل إن خطوة بنك السودان نحو تحرير سعر الصرف قبل نحو 9 أشهر كانت موفقة حينها، لتزامنها مع حدوث استقرار سياسي نسبي بالبلاد ووجود تقارب ضئيل في سعر الصرف بين السوقين الرسمي والموازي، غير أن الاستمرار في التحرير يتطلب وجود رصيد كاف من النقد الأجنبي لتغطية العرض والطلب، ووجود استقرار سياسي وإنشاء بورصة الذهب لقفل باب التهريب. وأشار إلى اضطرار البنك المركزي، إزاء كل هذه المعطيات والانفلات الكبير في الأسعار والمضاربات التي تحدث، إلى العودة لإدارة سعر الصرف.
وكشف نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو عن اتفاق مع رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان، خلال اجتماع مغلق بينهما حول المضاربات في الدولار، على اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه مضاربات الدولار. وأكد تعاهدهما على تطبيق القانون حتى على أبنائهما، قائلاً إن المضاربة في الدولار السبب في ارتفاع السلع بالأسواق.
وأوضح أن اتخاذ اللجنة العليا الاقتصادية 51 قرارا، لم ينفذ منها إلا واحد، فقط حول هذه المشكلة، ولفت إلى دخول المضاربين في الذهب أيضا.
قال المدير العام لبنك الأسرة صالح جبريل، لـ”العربي الجديد”، إن قرار التدخل في سعر الصرف يعني ضمنيا العودة لسعر الصرف المرن المدار
وقال المدير السابق لبنك المال المتحد كمال الزبير، لـ”العربي الجديد”، إن تدخل البنك المركزي ضروري لدوره الفعال في إدارة سعر صرف النقد الاجنبي، مشيرا إلى أن القرار السابق برفع يده عن سعر الصرف كان خطأ كبيرا، ولكن في كل الأحوال لن يكون هناك استقرار في سعر الصرف حال عدم وجود احتياطي مناسب لدى البنك المركزي، وكذلك وجود إنتاج وصادر وموارد أخرى من المغتربين والمانحين وغير ذلك.
وشرح الزبير أحقية البنك المركزي في التدخل في سوق صرف العملات كما يحدث في البنوك المركزية في كل دول العالم، لافتا إلى عدم ممانعة صندوق النقد الدولي ذلك، غير أن المشكلة الرئيسة في السودان هي افتقار البنك المركزي لاحتياطي نقدي يمكنه من التدخل بفعالية.
وأشار البنك المركزي في دفاعه عن قرار التدخل في سعر الصرف إلى أن ذلك يأتي تنفيذا لرؤية الدولة لإصلاح الاختلالات الهيكلية للاقتصاد، والتي تبدت ملامحها وأعراضها في ارتفاع معدلات التضخم والتدهور المستمر في سعر صرف العملة المحلية.
ورفض المدير العام للبنك السوداني الفرنسي عثمان التوم تسمية قرار بنك السودان أنه عودة للمرونة في إدارة سعر الصرف، مؤكدا لـ”العربي الجديد” أن البنك يؤكد بذلك أن لديه موارد بالنقد الأجنبي يرغب في ضخها للسيطرة على انفلات سعر الصرف وتقليل الطلب النقدي.
العربي الجديد