مقالات متنوعة

عمر الدقير يكتب.. حكومة لشرعنة الانقلاب

لم يكن الانتماء الحزبي، في يومٍ من الأيّام، شرطاً لأداء واجب النضال الوطني في الفضاء السياسي، بل يحفظ تاريخنا في مقاومة الأنظمة الشمولية أسماء لا حصر من المناضلين والمناضلات – غير المنتمين حزبياً – الذين لم يتزحزحوا عن الموقف النظيف، وأثبتوا أرجلهم في مستنقع القمع الاستبدادي فلم يهزمهم ترهيبٌ ولا ترغيب .. وفي المقابل كان هناك من خذلوا شعبهم في لحظات المواجهة الحاسمة مع النظم الاستبدادية، وقبلوا أن يعملوا معها تحت مسمى “التكنوقراط”، وأدوا اليمين الدستورية فرحين بدخولهم جنة السلطة في اللحظة التي كان فيها جحيم هذه السلطة يَصْلي أبناء وبنات شعبهم ناراً حامية ويهرق دماءهم، كما الماء، في ساحات المقاومة السلمية.
ولأن سلطة انقلاب ٢٥ أكتوبر لسيت بدعاً من الأنظمة الاستبدادية السابقة، يدور حديثٌ هذه الأيام أنها تتهيأ لإعلان حكومة يجري اختيار رئيسها ووزرائها من أشخاص تحت مسمى “التكنوقراط” مضافاً لهم وزراء من أطراف اتفاق جوبا للسلام وربما بعض الحزبيين الموالين للانقلاب .. ويجري ذلك كله بعيداً عن هدير الجماهير ومطالبها التي تتركز حول القضايا قبل تسمية من يحكم .. وتظن السلطة الانقلابية أن توظيف مثل هؤلاء الأشخاص سيعفيها من سؤال فقدان الشرعية، ولكنه ظنٌّ آثم ومحض توهم لا يسنده منطق، لأن المطلوب – قبل الإجابة على سؤال من يحكم – هو حل الأزمة الدستورية والسياسية بما ينهي الوضع الانقلابي ويفضي لإعادة الشرعية المختطفة والاستجابة لمطالب الشعب بتأسيس سلطة مدنية مع إزالة العقبات التي تعيق مهمتها في مباشرة تنفيذ شعارات الثورة.
اللجوء لتشكيل حكومة بهدف شرعنة الانقلاب، سيكون مصيره مثل مصير اتفاق ٢١ نوفمبر المقبور، وستجد هذه الحكومة نفسها في مواجهة مباشرة مع قوى الثورة قبل أن يتوجه وزراؤها إلى مكاتبهم، إذ لا بديل لقوى الثورة غير مواصلة النضال السلمي لإنهاء الوضع الانقلابي واسترداد مسار التحول المدني الديمقراطي.
أمّا من يسيل لعابهم لمواقع سيادية أو وزارية مع سلطة الانقلاب، مُعَزِّين أنفسهم بأنهم مجرد تكنوقراط يؤدون وظائف عامة “لخدمة الشعب” – في وقتٍ تواجه هذه السلطة الشعب بالرصاص وقنابل الغاز والمعتقلات وحالة الطوارئ – فإنهم إنما يخدعون أنفسهم بهذا العزاء البائس ويتحولون في نظر الشعب، صاحب الشرعية الحقيقية، إلى شهود زور .. كأنهم قبلوا أن تتحوّل جمرة الضمير إلى فحمة، وكأنهم لم يسمعوا بصيحة الشاعر الألماني بروتلد بريخت التي أطلقها ذات واقعٍ مماثل: “بماذا نجيب القادمين من بعدنا إذا سألونا: لماذا صَمَتُّم عندما كان الدّم يسيل في الشوارع؟!”.
ليس خافياً أنّ الانقلاب وداعميه يتوحدون الآن في حلفٍ غير مقدس لإجهاض حلمٍ مقدس، وتحويل الربيع الديسمبري – الذي لم تتفتّح أزهاره بعد – إلى صيفٍ يخرج الأفاعي والعقارب من جحورها ليعيد بلادنا مرةً أخرى إلى ثنائية الاستبداد والفساد وما تنتجه من محاصيل الشقاء والعناء، وليس خافياً أن سلطة الانقلاب لا ترغب في مبادرة من البعثة الأممية وتسعى، عبر ما يسمى بـ “المبادرة الوطنية”، لاكتساب شرعية زائفة بتسوية شكلية للأزمة السياسية، لا تخاطب القضايا التي ترفعها قوى الثورة، وإعلان حكومة “تكنوقراط” مدجنة سهلة القياد تتصالح مع الانقلاب وتعمل على تكريس سلطته كأمرٍ واقع .. هذه الحال تضع كل قوى الثورة أمام مسؤولية وطنية تاريخية لا تترك لها خياراً سوى تجاوز خلافاتها البينية والشروع الفوري في تنسيق مُمْكِنات نضالها السلمي، إعلامياً وميدانياً وسياسياً، عبر جبهة عريضة بقيادة سياسية موحدة لإنهاء الانقلاب والتوافق على ترتيبات دستورية لاسترداد مسار التحول الديمقراطي، وتكوين آلية مشتركة تمثلهم جميعاً لتشكيل سلطة مدنية تقوم – خلال ما تبقى من الفترة الانتقالية – بإنجاز مهام محددة متفق عليها، انتهاءً بتنظيم انتخابات عامة حرة ونزيهة تضع الوطن على درب التداول السلمي لسلطة الحكم وفقاً لإرادة الناخبين.

صحيفة الجريدة

‫3 تعليقات

  1. الجماهير التي تتحدث باسمها لم تنتخبك اصلا للحديث ايها الانتهازي الماذب باسمنا . لو كنت تسمع كلامهم ترشح وترجل للانتخابات او اصمت عن النفاق.
    لم نخرج علي البرهان لانكم اسؤا منه بسبب تحريضكم علي البلد وانتظار كعكة السلطة استهبالا دون انتخابات.
    اي حكومة تخاف منها ليس لك بديل ايها الجاهل اذ كيف نخرج للانتخابات دون حكومة تجيز قانونها وتديرها ايها الأحمق الجهلول.
    انت ي ظل الشيوعي ومعظم اليسار لا تقبلون باي احد امامكم الا انتم لذا اصمتوا ودعوا الامور تمضي للامام بدونكم.
    قرفنا منكم اختونا انتوا وخلونا مع البرهان بنتحل

  2. الدقيرانت ماعايزنك لو نططتة !
    قبيل كنت عايزتمسل قبل حمدوك ايام كانت سايبة ساي واونطة!
    بس فرصةضاعت وشوف ليك شغلة
    اقضاها…لانوالشغلانة ماشة علي انتخابات وانت عارف وقحاطتك عارفين انهم ماحاالقو طريقة غفرا في السوق خلي في القصرالجمهوري!

  3. المهندس عمر الدقير افضل رئيس حزب وافضل سياسي سودانى فى الساحة حاليا رجل مثقف وصاحب ضمير حى
    ووطنى غيور علي بلاده وشعبه وصاحب مواقف ثابته تماما لم يتزحح عنها ابدا ومازلنا نذكر اللقاء التلفزيونى الشهير
    مع خال الرئيس فى تلفزيون امدرمان وكان الكيزان فى الحكم وتحدث بكل شجاعة عن الانتفاضة التى تزيحهم
    من الحكم وقد كان ذلك لك كل الشكر ايها القائد البطل وسوف تكون قائد لهذه الامة قريبا وتخرجها من عزلتها
    الى دولة محترمة فيها كل السودانيين سواية بلا تفرقة او عنصرية او جهوية عكس ما كان يفعل بنى كوز اهل العنصرية
    والقبلية والجهوية ربنا يحفظك بلادنا ولشعبنا