مقالات متنوعة

يوسف السندي يكتب.. وعود البرهان الكاذبة

كانت من تكتيكات جهاز الامن في عهد الإنقاذ في مواجهة الحراكات الطلابية والمهنية انه يقوم باعتقال قادة الحراك، فيتحول الحراك من حراك يستهدف اهدافا محددة إلى حراك يستهدف إطلاق سراح المعتقلين.

وهكذا وبعد ايام من الشد والجذب يقوم الجهاز بإطلاق سراح المعتقلين بعد ان يرسل إشارات هنا وهناك للمحتجين بأنه قد لان وأنهزم، فيشعر جميع المحتجين بأنهم قد انتصروا على الجهاز وحققوا مرادهم بإطلاق سراح المعتقلين، بينما هم في الحقيقة ضيعوا اهدافهم الحقيقية.

يحاول البرهان ان يلعب بذات التكتيك مع الثوار، حيث قام بالانقلاب على الثورة ثم اعتقل قادة الحرية والتغيير، وهاهو يمني الشعب ويعده بإطلاق سراح المعتقلين، وقد طفق البعض فعلا في الاحتفال، ظنا بأن البرهان قد لان وانكسر وانهزم، وهؤلاء شربوا المقلب.

البرهان لا يريد من وراء الإجراءات الجديدة الا إلهاء الثوار عن هدفهم الحقيقي وهو اسقاط انقلابه ومحاسبته وإغلاق باب الانقلاب العسكرية إلى الأبد في السودان.

البرهان يريد بهذه الاجراءات ايجاد مخرج لنظامه من تفاقم الوضع الاقتصادي، الذي اصبحت معه حياة السودانيين جحيما اقتصاديا وامنيا واخلاقيا.

البرهان الذي أعطاه الشعب السوداني فرصة عظيمة ليقود السودانيين نحو المدنية بعد ثورة ديسمبر، ترك هدية الشعب وذهب يبحث عن تحقيق حلم اباه في حكم السودان، فقاده ذلك إلى قتل السودانيين وتعذيبهم حتى اصبح نظامه هو اسوا نظام حكم مر على تاريخ السودان.

وقعت القوى السياسية الثورية اتفاقا مع البرهان وشاركت بموجب ذلك الاتفاق في حكومة الثورة، فغدر بهم البرهان وخان عهد وشرف الوثيقة الدستورية بالانقلاب على الحكومة واعتقال شركاءه المدنيين. فهل ثمة عاقل يعطي لهذا الرجل عهدا جديدا؟!!

اذا اراد البرهان ان يهيء الجو من أجل الوفاق والمصالحة كما يدعي، فليعلن تنحية هو ومجلسه العسكري، وليدعو الجيش لتقديم قادة جدد ليتفاوضوا مع المدنيين حول دور الجيش في المرحلة المقبلة.

غير ذلك، ستكون كل الوعود التي يطلقها البرهان من إطلاق السجناء ورفع حالة الطواريء هي مجرد تكتيك يستبطن اخلاف الوعد في اول منعطف، وهو في ذلك كالذي قال فيه الشاعر:
وعدت وكان الخلف منك سجية ** مواعيد عرقوب أخاه بيثرب

صحيفة التحرير

تعليق واحد