عبد الله مسار يكتب : فساد الرعية من فساد الراعي
قيل إنّ فساد الراعي هو يفسد الرعية، والراعي ليس بالضرورة الحاكم، ولكن المعلم راعٍ، فالزوج راعٍ لأسرته، والزوجة راعية لبيتها، والحاكم راعٍ لشعبه وهكذا المجتمع، والمعلم راعٍ لتلاميذه، والعالم والباحث والمفكر، بل رئيس الحزب، حتى شيخ القبيلة والطريقة والنقابة، وهكذا فالراعي هو الملح واللحم حتى لا يجيف يُضاف اليه الملح، ولكن اذا فسد الملح.. فكيف نداوي الملح اذا فسد؟
فقد قال الشاعر العربي أبو سفيان الثوري
بيت الشعر
يا رجال العلم يا ملح البلد
من يصلح الملح إذا الملح فسد.
إذن، الأوطان هي اللحم والثريد الذي يصلحه الملح حتى لا يجيف، والراعي أو الحاكم أو القائد أو المواطن الصالح الوطني أو شيخ الطريقة أو القبيلة أو المعلم هو الملح الذي يصلح هذا اللحم (الوطن) اذا فسد.
إن مأساة الشعوب في كل الدول وخاصة في العالم الثالث، وبصفة خاصة السودان هي قياداتها ومنظومتها السياسية والاجتماعية وبصفة خاصة الاحزاب. فهي منظمات مُختلة وهي تقوم على امراض كثيرة وكبيرة، اهمها انها أحزاب نخب تقوم على الوصاية، بل هي أبعد ما تكون أنها أحزاب ديمقراطية تقوم على سلطة الشعب وتقوم على المواطنة والحق والواجب، بل جل أحزابنا تقوم على الأبوية والأسرية والوصاية والفردية.
لذلك الأداء الحزبي كله مهزوز في السودان. ومواقف أغلب الأحزاب فيها المصلحة والشخصنة، ولذلك فشلت كل الأحزاب في قيادة البلد سياسياً، بل كثرت الأحزاب دون أن تقوم بالأدوار المطلوبة منها، ولذلك فشلت الديمقراطية في السودان، وفشلت الأحزاب في قيادة العمل السياسي الديمقراطي، حتى مواقف الأحزاب من كل قضايا الحكم والدولة فيها كثيرٌ من المُتناقضات، ومن ثبات المواقف في القضايا القومية الوطنية.
كثير من الأحزاب تجتمع وتصدر كثيراً من الأطروحات في داخل الحزب ومع آخرين، ولكن لا تلتزم بما وقع عليه كله أو جزء منه.
لذلك فساد الأحزاب كفساد الملح الذي مطلوبٌ منه عدم ترك اللحم ليفسد، لذلك يفسد الحاكم بفساد مؤسسات الحكم ووسائله الديمقراطية.
اذن من يصلح الرعية إذا الراعي فسد؟
ومن يصلح الجيل اذا المعلم فسد؟
ومن يصلح الناس إذا الحاكم فسد؟
علينا أن نصلح من مواعين ممارسة العمل السياسي بصفة خاصة الأحزاب، ليصلح الحكم في دولنا،
وأرى ذلك بعيداً الآن، وقد يكون بعيداً حتى غداً.
نسأل الله تعالى أن يقف فساد المنظومات السياسية الاجتماعية لنوقف فساد الحكم.
صحيفة الصيحة
الاصرار على الافترق وتحاشى التقارب بافتعال والتنقيب عن مواطن الاختلاف لغياب اوضعف الهوية الحية الجامعة والمحافظة على الكينونة المزيفة مما يكرش التشظى فى كيانات ضعيفة ليس بينها اختلافات حقيقية ولكنها مضرة ومدخل للشروخ الكبيرة والمدمرة