رأي ومقالات

عزمي عبد الرازق: وقود عكِر أم نوايا عكِرة؟


ظهرت منذ أيام حملة شكاوى واسعة لأصحاب سيارات تحدثوا عن وقود غير مطابق للمواصفات، وأشاروا إلى طلمبات بالاسم محذرين الناس منها، وأخر تبيع الوقود النظيف، وهو طرق مُزعج إذا كنت صاحب سيارة لا بد سوف يجبرك على أخذ الأمر بجدية، إما أن تذهب وتجرب بنفسك، أو تتجنب تلك الطلمبات مرة واحدة لسلامة السيارة، سمها شركات،

لفهم القصة، وهو ما قمت به بالفعل، ذهبت للطلمبة المُشار إليها وطلبت من العامل لتر بنزين على جالون خارجي، لم الحظ لون أخر غير لون السائل النفطي المعتاد، اتصلت بعدد من الأصدقاء الذين يتنقلون بين طلمبات مختلفة، ليس هنالك ما يُريب، وربما يوجد وقود سيء بالفعل، أو تم التلاعب به فيما بعد، لكن من الصعوبة القول أن المواصفات سمحت بدخول وقود غير مطابق، لأنها سوف تتحمل المسؤولية في نهاية الأمر، خلاف ذلك هنالك بوليصة النقل وأكثر من مختبر كيميائي، ورقابة حكومية صارمة على الشركات المستوردة، ودول مصدرة للنفط حريصة على سمعتها، ثمة شيء محير بالفعل!

شيء يحتاج إلى تحرك رسمي يرد على الأسئلة والمخاوف. فجأة انتبهت إلى هذا السوق الخطير الذي يخضع لمعايير تنافسية غير نظيفة، ويمكن أن تستخدم فيه كل الحيل والشائعات والحملات القذرة لإحتكار هذه السلعة الإستراتيجية لـ” لوبي جشع”، أصحاب الشركات الصغيرة تحت رحمة الشركات الكبيرة، التي تستطيع ضرب سمعتها وإخراجها عنوة من سوق الوقود، والعودة في النهاية عن سياسة تحرير المواد البترولية، والتي سُمح بها لتحقيق الوفرة وخلق فرص تنافسية للمصلحة العامة، وفقاً للدعاية الحمدوكية حينها، والهدف الأخير، كما يبدو، احتكار القلة وخلق ندرة والتحكم في الأسعار بأعلى من اليوم، هذا تفسير يصعب تجاهله، والضحية شركات الاستيراد الحر، وقطاع الإنتاج والمواطن،

وقد بدأت سلسلة التعقيدات بعد مخاطبة بعض الشركات النافذة لوزارة النفط لإيقاف الشركات الخاصة من الاستيراد، الأمر الذي رفضته الوزارة، وتجلت أيضاً في خلق ظروف تنافسية سيئة، عبر تأخير الاعتمادات وضعف حركة المناولة في الميناء أحياناً والتعذر بعدم وجود آليات أو فراغات كافية لبواخر الشركات المستوردة، وتعريضها للغرامات الدولارية،

أما القشة التي قصمت ظهر البعير ورفعت أسعار الوقود، فهو ليس الحرب الروسية الأوكرانية فقط، ولا الدولار الذي صعد وتراجع، فلم تتراجع الأسعار بعده، وإنما ضريبة القيمة المضافة العالية التي فرضتها الحكومة على تلك الشركات بأثرها الرجعي، وأثارها الممتدة، ووافقت الحكومة ضمنياً على الزيادة لسد عجوزاتها مقابل تلك الضريبة، فكيف ستنتهي الأزمة؟

عزمي عبد الرازق