تحقيقات وتقارير

مُهندس الطيران “أحمد المُفتي” ..تفاصيل قصة نجاح بأمريكا


نشأ المُهندس “أحمد المُفتي” مثل غيره من أبناء العاصمة الوطنية أم درمان المدينة ذات السحر الاخاذ الذي لايعرف اسراره إلا من تجول في ازقتها وحواريها وجلس مع أهلها وتشبع بثقافتها.

فهي المدينة التي طلب النيل قُربها ومزجت بين كافة الألوان وهي التي ترعي ساكنيها سلام وأمان وتحتويهم في دفء وحنان كيف لا ومعشوقتهم تعتز بأن ولادتها جاءات بالتهليل وهلت فوقها غابة رماح، وبين طرقات وملاعب ساحات ودنباوي شبّ وترعرع حيث الخال والعم والوالد فقد كان الزمان رضي والناس ظروفها مقدرة.

ومن ينشأ في هذا الحي العريق فلابد له من الجلوس تحت شجرة الدُومة وبالتالي رؤية التاريخ الباذخ يتجسد في منزل الأمير ودنباوي أحد قادة جيوش المهدية الذي أخذ الحي إسمه منه ، وكذلك لابد من أداء الصلاة في مسجد السيد عبدالرحمن، وبالتأكيد من يسكن ودنباوي يكون قد زار منزل الرئيس الراحل الخالد جعفر محمد نميري، وكذلك ركض خلف الساحرة المستديرة بنادي ودنباوي الذي برز إلى الوجود قبل استقلال البلاد بتسعة أعوام ، وفي هذا الجو المضمخ بالشرف الباذخ والتنوع السوداني الفريد، لعب كرة القدم في شارع الدومة مع أصدقاء الطفولة (أصدقاء العمر) ثم إنتقل الى فريق الحي (الطليعة) الذي كان جِسره نحو نادي ودنوباوي مع كوكبة من أبناء الحي آنذاك.

ومتشبعاً بثقافة الطموح التي تمُيز سكان الحي العريق وعقب نهاية المرحلة الثانوية وهو مايزال في بداية شبابه قرر من أجل تحقيق الوصول أن يركب مراكب المستحيل فكان أن حط رحاله بأمريكا أرض الفرص التي قرر مع نفسه أن يصنع فيها تاريخ، فكان أن انضم إلى جامعة نورثروب “NORTHROP UNIVERSITY” للطيران الشهيرة والعريقة والتي تعد من أفضل الجامعات المتخصصة في الطيران بالعالم، ليستقر به المقام في مدينة لوس انجلوس ليدرس هندسة إلكترونيات الطائرات، وكانت هذه الدراسة مجال جديد حديث في ذلك الوقت.
وبالتأكيد فإن سفره إلى أمريكا وهو في تلك السن الباكرة من عمره كان يقف خلفه شقيقه الذي ومن أجل رؤيته يلامس ثريا النجاح كان خير عضد وسند له، وهو الكابتن عادل المفتي الذي سبقه في دراسة الطيران في الولايات المتحدة الاميركية مما ساعد وساهم في سرعة الإنجاز والوصول الي مستويات عالية في وقت مبكر .

بعد الدراسة عمل المُهندس أحمد في شركة هاورد للطيران لصيانة الطائرات والأجهزة الإلكترونية لمدة أربعة وعشرون عامًا تدرج خلالها في وظائف الشركة المختلفة من مهندس صغير الي مدير الأجهزة الالكترونية ثم الي المدير العام للشركة ، وكل هذا النجاح تحقق بجهده وحرصه على تطوير نفسه فكان محط إعجاب منسوبي الشركة، وخلال هذه الفترة إكتسب قدراً وافراً من الخبرات وتعرف على كثير من الشخصيات المهمة والمؤثرة في صناعة الأجهزة الإلكترونية في الطيران في الولايات المتحدة الاميركية وخضع للعديد من الدورات التدريبية السنوية لأهم الشركات المصنعة للأجهزة وتعرف علي الكثير من مدراء التسويق بالشركات الآخري .

واستناداً على هذه الأرضية من الخبرة والعلاقات الممزوجة بطموح لاسقف له وقوة إرادة لا تلين لها قناة بدأ في انشاء شركة ARA AVIATION قبل ثلاثة سنوات في مطار سان جبرئيل بمدينة لوس انجلوس بعد تسجيل الشركة ومخاطبة هيئة الطيران الفيدرالي لاستخراج رخصة التشغيل، وبعد استخراجها بدأت الشركة العمل مباشرة في تركيب وصيانة الأجهزة الإلكترونية مع كبري شركات الاجهزة الالكترونية للطائرات والشركة وكيل لجميع شركات الأجهزة الإلكترونية ومن الشركات الكبرى في هذا المجال منها شركة GARMIN رائدة صناعة الطيران في الولايات المتحدة الاميركية.

كما تعمل شركته مع بلدية مدنية لوس انجلوس الآن في إجراءات بناء هانقر خاص بالشركة بمواصفات عالية لخطط الشركة المستقبلية فى مطار سان جبرئيل وإنشاء مراكز للشركة في عدة مطارات حول المدينة ومركز تدريب وتاهيل لصيانة الأجهزة الالكترونية ، وتعمل الشركة أيضًا في بيع وشراء الطائرات كما تعمل في عمليات إدارة الطائرات لبعض الشركات وأعمال الصيانة الدورية.

من نجاح لآخر تمضي مسيرة المهندس “أحمد المُفتي” الذي أكد أن الإنسان وحينما يمتلك الطموح فإنه يستطيع تجسيد أحلامه على أرض الواقع،وهكذا تحول المهندس أحمد إلى وجه سوداني مشرّف ورمز للنجاح ومُلهم للشباب.

صديق رمضان

طيران بلدنا