رأي ومقالات

حليم عباس: من هنا خرجت السياسة للجيش والقوي الخارجية !

كانت السياسة في السودان أمراً يخص الأحزاب و القوى السياسية حتى ذهبت الحشود إلى القيادة العامة للجيش؛ فمنذ تلك اللحظة خرجت السياسة السودانية كلياً من إطارها الصحيح، و اصبحت شاناً يخص الجيش و القوى الخارجية الإقليمية و الدولية، و تحولت كل القوى السياسية مجرد تابع.

أنظر الآن، هناك أزمة سياسية من المفترض أن معالجتها هي مهمة الأحزاب، الحوار السياسي حول الانتقال هو مهمة الأحزاب، و لكن الواقع هو أن كل شيء مرتبط بالعسكر و بالخارج، و القوى السياسية تتسابق حول من يتحالف مع العسكر و من تعترف به الآلية الثلاثية بقيادة الألماني فولكر.

الحقيقة هي أن القوى السياسية السودانية فاقدة للإرادة و لا تستطيع أن تفعل اي شيء لوحدها. الحزب الوحيد الذي كان يتصرف بإرادته كحزب سياسي حقيقي و قد تم حله، هو حزب المؤتمر الوطني، بقية القوى السياسية حينما أرادت إسقاط هذا الحزب ذهبت إلى الجيش، و سلمت عملياً القرار الوطني الجيش (و معه الدعم السريع)، و الفاعل الثاني مباشرة بعد الجيش هو الخارج، عبر التدخلات بأشكالها المختلفة. فيما عدا هذين الفاعلين،اي الجيش و الخارج، هُناك حالة عجز و فشل سياسي كامل للقوى السياسية التي لا تستطيع حتى أن تجتمع تحت اي مسمى بدون أن يكون للجيش او للسفارات الأجنبية دور في ذلك.
لماذا لا تستطيع القوى السياسية السودانية تحمل مسئولية البلد بدون تدخل أطراف من خارج المجال السياسي و من خارج السودان نفسه؟

لا يُمكن لوم الجيش و لا لوم الدول التي تتدخل في الشأن السوداني، اللوم كله يقع على الفشل السياسي و غياب الإرادة لدى القوى السياسية، او ربما لا يوجد شيء اسمه “قوى سياسية” بالمعنى الدقيق للكلمة؛ إذ يبدو أن حزب المؤتمر الوطني هو آخر حزب سياسي حقيقي و جدير بتوصيف حزب سياسي.

حليم عباس