“أسواق الكسر” تفاقم أوجاع الاقتصاد المنهك في السودان
تزايدت في أسواق السودان بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة ظاهرة “كسر” البضائع والسلع الرئيسية، أي بيعها وشرائها بأسعار غير حقيقية من أجل الحصول على عملات أجنبية أو الحصول على أرباح سريعة.
ويعمد بعض التجار الذين يمتلكون سيولة ضخمة خارج المظلة المصرفية والضريبية إلى شراء سلع بأسعار أعلى بكثير من قيمتها الحقيقية وتصديرها، للاحتفاظ بعائداتها من العملات الصعبة في حسابات خارجية، خوفا من حالة الضبابية الاقتصادية الحالية في البلاد، في حين يلجأ آخرون لتسييل بضائع وسلع حصلوا عليها عن طريق المرابحات المصرفية المشروطة بسلع محددة أو عن طريق الشيكات الآجلة.
وأكد مختصون أن ظاهرة كسر البضائع تحدث في الحالتين اختلالا كبيرا في النظام المالي في البلاد، إذ تؤدي إلى هروب السيولة من جهة وزيادة التضخم وحالات الإفلاس من الجهة الأخرى، مشيرين إلى ضرورة معالجة سريعة لمشكلة السيولة الهاربة من النظام المصرفي، التي تقدر بنحو 900 تريليون جنيه سوداني (الدولار يعادل 567 جنيها)، أي نحو 90 بالمئة من إجمالي الكتلة النقدية في البلاد.
ويحذر أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية محمد شيخون من الخطورة الكبيرة التي تشكلها أسواق الكسر على الاقتصاد السوداني، الذي يعاني أصلا مشكلات هيكلية عميقة.
ويقول شيخون لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هناك فئتان تمارسان هذه الظاهرة، الأولى هي المجموعة التي تسيطر على الكتلة النقدية المتداولة خارج النظام المصرفي، والثانية تضم المستفيدين من المرابحات والقروض المصرفية”.
ويستطرد حديثه مفسرا: “المجموعة الأولى تعمل على تحويل أموالها السائلة المتداولة خارج النظام المصرفي مجهولة المصدر في الكثير من الأحيان إلى سلع تصديرية، مثل الحبوب الزيتية والمنتجات الزراعية الأخرى والماشية والذهب، من خلال شرائها من الأسواق المحلية بأسعار أعلى بكثير من أسعارها الحقيقية، ثم تصديرها بأسعار أقل إلى الأسواق الخارجية، بهدف تحويل أموالهم إلى عملات حرة يتم الاحتفاظ بها في الخارج”.
أما الفئة الثانية، فيشير شيخون إلى أنها “تستفيد من الثغرات الكبيرة في النظام المصرفي وأنظمة المرابحات المقومة بالسلع، فيقومون بتسييل السلع والبضائع التي يحصلون عليها عبر تلك المرابحات بأسعار أقل واستخدامها في أنشطة سريعة العائد، مما يزيد من حجم الانهيارات التي يعانيها الجنيه السوداني، في حين يلجأ البعض لتحويلها إلى عملات حرة والاحتفاظ بها على أمل حدوث المزيد من الانهيار للجنيه، وبالتالي تتآكل القروض والمرابحات التي حصلوا عليها، وهو ما يؤدى إلى الاختلال الكبير الذي يعانيه القطاع المصرفي حاليا”.
ويرى شيخون أن معظم تلك الأنشطة “يندرج ضمن أنشطة غسيل الأموال التي يجب محاربتها بالطرق والأدوات القانونية والاقتصادية”.
سكاي نيوز