محمود الدنعو

أوكرانيا بين الاستلهام والاستلاب!

[JUSTIFY]
أوكرانيا بين الاستلهام والاستلاب!

عندما اندلعت التظاهرات بميدان الاستقلال في العاصمة الأوكرانية كييف، أذكر أنني وفي دردشة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع زميل صحافي من سلوفاكيا يدعى توماس فاسيلكو، ذهبت إلى مقاربة ما يحدث في أوكرانيا بثورات الربيع العربي، فما كان من زميلي توماس إلا أن ذكرني بأن الثورة البرتقالية في أوكرانيا سبقت ثورات الربيع العربي، وأن هناك فوارق كبيرة بين الاثنين، وتوقع حسما سريعا لما أسماها الاحتجاجات المحدودة ويبدو أنه ميال للموقف الروسي، وافترقنا كل متمسك بوجهة نظره على أساس اختلاف الرأى لا يفسد لصداقتنا قضية، ولكن بالنظر إلى نهايات الثورة الأوكرانية اليوم تعززت لدى القناعة بأن هذه الثورات تسلتهم من بعضها البعض، فالثورة البرتقالية الأولى في أوكرانيا كانت سابقة من حيث الزمان على ثورات الربيع العربي، وبالتالي كان الاستهلام حتى أن الثورة التونسية أولى ثورات الربيع العربي عندما اندلعت خلعت عليها وسائل الإعلام الغربية نعت الثورة البرتقالية أو ثورة الياسمين في إشارة إلى الثورة الألكرانية الأولى وفي مرحلة من مراحل الثورة الأوكرانية في نسختها الحديثة المواجهات في الشوراع محتدما بين الشرطة والمتظاهرين أذكر أن الإذاعة السودانية طرحت عليّ سؤال حول مستقبل الأوضاع في اوكرانيا فقلت طالما اختار الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش مواجهة الشارع فإن إرادة الشعوب هي التي ستنتصر في النهاية، وقد كان، فاليوم يانوكوفيتش هارب والشعب يحتلف في الشوراع الاستلهام كان متبادل بين الثوارات الأوكرانية الأولى والثانية وبين ثورات الربيع العربي، فالنسخة الثانية من الثورة الأوكرانية هي اسلتهام من الموجة الثانية من الثورة المصرية في الثلاثين من يونيو عندما لم تنجز ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر أهدافها، كما القاسم المشترك بين هذه الثورات هو كما استخدمت السلطات القوة لتفريغ المتظاهرين وترويعهم للتراجع زادهم ذلك إصرارا على المضي في التظاهر حتى تحت شتاء الأوكراني الجيلدى المتجمد وتحت زخات طلقات رجال الشرطة هذا الاستلهام المتبادل بين الثورات الأوكرانية وثورات الربيع العربي هو نفسه ما يبعث القلق على مستقبل أوكرانيا التي مثلما كانت إبان الثورة تتجاذبها القوى الكبرى الآن بعد انجاز هدف رحيل يانوكوفيتش تواجه بشبح تقسيم البلاد بين شرق وغرب، وبالتالي هذا الوضع يفرض على قادة الثورة والحكومة الانتقالية الراهنة أن يسعوا ما استطاعوا إلى ذلك سيبلا لرسم مستقبل بلادهم بعيدا عن تجاذبات القوى الكبرى وتدخلاتها، فاليوم من يتابع تصريحات الزعماء الغربيين الذين يتحدثون عن ضرورة وحدة تراب أوكرانيا يتحدثون بلسان الثورة الأوكرانية ويوجهون الحديث إلى موسكو تصريحا وتلميحا وكأنما أطراف النزاع السياسي اليوم في أوكرانيا هما روسيا والغرب وليس الشعب الأوكراني ونظام الرئيس المعزول والهارب فيكتور يانوكوفيتش، وهو الاستلاب المرفوض لإدارة الشعب التي أنجزت ثورتها الثانية.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي