لم تعد مضمونة
عندما رشح الرئيس الأميركي باراك أوباما مطلع الماضي تشاك هاغل كوزيرا جديدا للدفاع خلفا لليون بانيتا واجه حينها معركة شرسة من قبل الجمهوريين رغم أن هاغل ينتمي إلى الحزب الجمهوري، ولكن أبرز قيادات الحزب تأخذ عليه عدم إبداء دعم ثابت لإسرائيل والاعتراض على العقوبات المفروضة على طهران، ويعد هاغل الجمهوري المعتدل من أكثر المعارضين لمواقف حزبه في مجال السياسة الخارجية وكان ينتقد بشدة سياسة الرئيس السابق جورج بوش في العراق.
عموما بعد شد وجذب أقر مجلس الشيوخ الأميركي تعيين تشاك هاغل وزيرا للدفاع ووافق أعضاء المجلس في اقتراع بأغلبية 58 ضد 41 صوتا، وكان من بين المصوتين لصالح تعين هاغل أربعة جمهوريين فقط، وهذا يدل على مدى غضب حزبه عليه ومع ذلك أصر عليه أوباما كونه الشخص الأنسب لتنفيذ إستراتيجية أوباما الخارجية التى خاض بها الانتخابات الأميركية، وفاز بها لولاية الثانية، وهى خفض الأنفاق العسكري للسيطرة على عجز الميزانية من جهة، ومن جهة أخرى تنفيذ إستراتيجية أوباما في سحب الجيوش الأميركية من الخارج وتقليل التدخلات العسكرية الخارجية.
ويبدو أن وزير الدفاع الأميركي ماض في تنفيذ ما اختاره الرئيس أوباما له بالضبط وهذا الأسبوع تناقلت وسائل الإعلام الدولية إعلان هاغل لخططه لتقليص النفقات العسكرية في إطار خطة التقشف التي اعتمدتها الحكومة الأميركية، واعتبر هاغل أن “التقدم التكنولوجي السريع في بعض الدول مثل الصين وروسيا يعني أن الهيمنة العسكرية الأميركية في العالم لم تعد أمرا مضمونا”، تصريحات هاغل الواقعية والمباشرة عندما يقول: نحن ندخل عهدا، لم تعد فيه الهيمنة الأميركية في البحر والسماء والفضاء أمرا مفروغا منه، تكشف بأن اختيار أوباما له كان موفقا كما أنها – أي التصريحات التي تندرج في إطار الاعترافات بحجم القوة العسكرية الأميركية على المسرح الدولي – تأتي في إطار سلسلة من الاعترافات والتصريحات بتراجع الولايات المتحدة في مجالات الاقتصاد والدبلوماسية السياسية لصالح قوى متعددة الأقطاب في العالم آخذة في التشكل، وبالتالي فإن على الولايات المتحدة أن تكيف نفسها مع هذا الواقع الجديد بأن الهيمنة الأميركية على المستوى الاقتصادي والسياسي لم تعد مضمونة.
فعلى مستوى الاقتصاد ورغم إجراءات التقشف وخفض النفقات التي تتبعها إدارة الرئيس أوباما، فإن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة يشهد تباطؤاً شديداً ووفقا لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب للدراسات الاستقصائية والأبحاث نشر منتصف فبراير الجاري فإن 55 بالمئة من الأميركيين يعتقدون أن الاقتصاد الأميركي يتراجع نحو الأسوأ مقارنة بـ 39 بالمئة ممن يعتقدون أنه يشهد بعض التحسن،
وبالتالي فإن واقعية هاغل تأتي من الوضع الاقتصادي والتطور التقني والخططي للحروب الحديثة التي لا يمكن خوضها بهذا العدد من القوات البرية.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي