ما بين د. الجزولي ومذيع قناة الجزيرة: الطعن في الظل
(1)أظن هناك إشكالية في نظرنا لمواقف بعض المذيعين ومقدمي البرامج، ونحمل المذيع أو نجمله بما لا يستحق أو يحتمل، إنه مجرد وجه يطل علينا، مع قليل من الدراما والتقمص، ولكنه راس جبل جليد.. وهو أمر معروف في الإنتاج التلفزيوني، وهو أمر مهم تثيره بعض الجدليات وآخرها ما ثار بين د. الجزولي ومذيع بقناة الجزيرة مباشر..
خمسة عناصر أساسية تتحكم في عملية إنتاج اي برنامج تلفزيوني، وخاصة الحوارية منها : المشرف العام (وهو في هذه الحالة السياسات الكلية للقناة الفضائية) والمنتج (وهو رئيس الفريق العام) و المحرر (أو المعد للأسئلة والمحاور والمتحكم الأساسي في إدارة الحوار من خلال غرفة الكنترول) ثم مقدم البرنامج والفريق الفني وعلى رأسه المخرج وهذا بعيد عن (إعداد المحتوى)، وإنما يوظف المؤثرات والوسائط في إخراجه بصورة مناسبة و ملائمة وجاذبة.. ودون ان يفوت علينا أن بعض الوظائف قد تدمج (اي المحرر ومقدم البرنامج) أو (منتج ومقدم)، دون إخلال بحدود المهام والمساءلة..
وفي ظل متغيرات تقنية كثيرة يمكن أن أضيف عنصر آخر وهو (ردة الفعل أو التفاعل) فالقنوات تتأثر بالتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي وتأخذ منها وأحياناً تعتمد عليها.. إنها اقل تمسكاً بالمعايير المهنية..
(2)
و إنطلاقاً من أعلاه، فإن القضية الأساسية هي : من يحدد السياسات التحريرية في القنوات الفضائية العربية تجاه السودان؟.. وفي الحقيقة، لا تتوفر سياسة أو موقف محدد، أي مجرد إهتمامات لاطراف داخلية وتأثير أطراف سودانية وعناصر ضغط مختلف، ويضاف لذلك غياب أداة متابعة ذات موقف في السودان حين تتجاوز المؤسسات الإعلامية الحدود والخطوط.. هل تصمت اي دولة عربية إذا نشرت صحيفة سودانية (مستقلة) أو قناة تلفزة سودانية (مستقلة) اوصاف مثل دكتاتور أو جزار أو قاتل لأحد الرؤساء والقادة العرب من المحيط للخليج..!!
كل القنوات الرسمية والخاصة تستسهل الحديث عن السودان وقياداته ومواقفه.. ربما محاولة لإشباع نهم معارض..
(3)
ولذلك من المهم مناهضة ذلك، ليس من خلال المقاطعة أو الحظر أو إلغاء التصريحات، بل بالمزيد من الإنفتاح والتوضيحات، و التصويب والظهور الواعي وتبيان الأخطاء..ولذلك أجدني شديد الإعجاب بمثابرة الأخ د. محمد الجزولي، وأظن انه بحاجة لتوسيع دائرة شكواه للفيل قبل ظله..
ويمكن ان نعزز مواقفنا أيضا، من خلال ميثاق وطني بالتقليل من التبرع بالإساءة للشخصيات الوطنية مهما كان موقفنا منهم والإكتفاء بالمعارضة وفق أجندة وطنية..
ومن خلال الشفافية في تسيير دولاب الدولة ومن خلال المواقف الكلية..
ولو كنت محل اي فريق إنتاج وتصلني على موقعي آلاف ردود الفعل الإيجابية، لن أذهب لإجراء إنتخابات لإن هذه الفئة التي اتعامل معها، وساضطر لإعادة حساباتي لو حدث العكس، هذه بضاعة أساسها (الرأي العام)….
هذه مجرد خاطرة قد تصلح للنقاش..
د. إبراهيم الصديق على