تحقيقات وتقارير

الاتفاق الإطاري .. وثيقة الخلاص في موازين الرفض والقبول


وجد الاتفاق الإطاري الذي جرى التوقيع عليه بين قوى مدنية والعسكريين، أمس الإثنين، ردود أفعال واسعة في الأوساط السياسية الدولية والإقليمية والمحلية، وتبايناً ما بين مؤيد ورافض، إذ انقسمت بعض القوى السياسية في التعامل مع الاتفاق، وترى بعضها أنه غير ملبٍ لتطلعات الشارع السوداني، بيد أن البعض الآخر من الداعمين للخطوة يرون أن الاتفاق من شأنه تحقيق العديد من المكاسب الثورية، أبرزها إنهاء الانقلاب العسكري.

أما دولياً فقد أبدت العديد من الدول ترحيبها بالاتفاق، وأعلنت دعمها له، واعتبرته بأنه إنجاز تاريخي، وهو ما أكده السفير السعودي في الخرطوم الحسن بن جعفر، والذي هنأ الشعب السوداني على الاتفاق، ووصفه بأنه إنجاز تاريخي. وقال الحسن: هي مرحلة أولى تتبعها مراحل أخرى منذ عملية الحوار السوداني السوداني لتحقيق التسوية السلمية وتحقيق تطلعات الشعب السوداني للاستقرار والأمن والازدهار، وتابع “بلا شك أن هذا الاتفاق فيه الكثير من العناصر المهمة في تطوير المرحلة الانتقالية وسنرى قريباَ تشكيل حكومة مدنية خالصة للاهتمام بقضايا الإنسان السوداني، المعيشية والاقتصادية وتتبعها أيضاً مراحل من التفاوض ليحقق استكمال متطلبات المرحلة الانتقالية التي إن شاء الله ستنتهي بانتخابات يتفاعل فيها الشعب السوداني”.

بدوره قال السكرتير العام للحزب الاتحادي الموحد هيثم عبد الله لـ(الحراك) نبارك للشعب السوداني توقيع الاتفاق الإطاري ما بين المكونات السياسية المختلفة، وأفتكر أن هذا الاتفاق بمثابة البداية لكثيرة جداَ من التفاصيل اللاحقة التي تكمل لهذا الاتفاق الإطاري وهو مهم جداَ في الفترة القادمة، وواحدة من مهامه الأساسية أنه سيعمل على تشكيل أكبر جبهة شعبية وجماهيرية للالتفاف حول هذه الوثيقة ومحاولة معالجة الخلل في القضايا الكبيرة التي تحمل الكثير من الاختلافات مابين معظم القوى السياسي، وهذا الاتفاق يعتبر مدخلاً لوجود معالجة القضايا التي ظلت طيلة فترة الانقلاب يعاني منها الشعب السوداني وجماهيره، وذلك فيما يتعلق بمسألة الاقتصاد ومسألة التعامل مع المجتمع الدولي، وفيما يتعلق بمسألة التدفق النقدي واستمرارية الدعم الدولي، وحتى وجودنا في المحافل الدولية التي تمت في الفترات السابقة ما بعد انقلاب 25 أكتوبر .

وذكر عبد الله أن الشعب السوداني محتاج أن يحقق قيم الثورة (الحرية – السلام – العدالة) والحرية تتمثل في مسألة الحكومة المدنية، والهياكل التي نصت عليها داخل الاتفاق ومسألة السلام واستكماله مع الحركات غير الموقعه على اتفاقية جوبا للسلام ومعالجة الخلل الذي صاحب التوقيع على هذا الاتفاق. وأضاف لا بد من تحقيق العدالة والعدالة الانتقالية للقضايا والجرائم التي انتهكت وارتكبت منذ يونيو 1989م.

وتفاءل عبدالله علي أن الاتفاق الإطاري سيكون فاتحة للشعب السوداني لينطلق نحو المدنية ونحو التحول المدني والديمقراطي، وصولاَ إلى مرحلة الانتخابات التي تتمايز فيها الصفوف ويكون من حقنا أن نعبر عن آرائنا للبرنامج الذي يحقق ويلبي رغبات الشارع السواني، كما أن الاتفاق ينص على الخروج الكامل للمؤسسة العسكرية من العمل السياسي، ومشاركتها في السلطة في كافة مراحلها والتزامهم بحماية هذا التحول المدني الديمقراطي.

وفي السياق قال القيادي في الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل محمد المعتصم حاكم أن الاتفاق مقبول إذا أشرك وتحاور مع كافة القوى السياسية الفاعلة، ومنظمات المجتمع المدني غير الموقعين على ذلك الاتفاق وذلك بدون إقصاء لأحد، إلا الذين يواجهون القضاء السوداني في قضايا واتهامات جنائية. كما يجب على الذين وقعوا ذلك الاتفاق الجلوس والتفاوض مع كل أصحاب المبادرات والاستعانة بما طرحه السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل، حول وحدة الصف الوطني وذلك لتكتمل الصورة. كما يجب عليهم الجلوس والتحاور مع قوى الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية لفعاليتها وأن يتم الالتزام الواضح وصراحة من قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، بالإعلان عن إجراء الانتخابات البرلمانية في أقرب وقت ممكن.

وأكد حاكم علي أن تلك الوحدة المنشودة لن تتم وتتحقق إلا بوحدة الصف وعبر مائدة مستديرة يشارك فيها الجميع دون استثناء، وبالتالي من المهم أن يستمر الحوار السوداني سوداني بعيداً عن أي مؤثرات أو تدخلات خارجية وذلك وصولاً إلى الأهداف الوطنية الشاملة، ولتعود القوات المسلحة السودانية إلى ثكناتها لتؤدي واجباتها الخاصة بحفظ الأمن وحماية حدود البلاد، وأن ذلك الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بالأمس هو خطوة إيجابية ولكنها غير مكتملة الأركان إذا لم تفتح الأبواب للحوار الشامل والتحاور والنقاش مع كافة القوى السياسية غير الموقعة على ذلك الاتفاق، كما من المهم الإعلان صراحة عن تشكيل حكومة الانتقال المدنية من شخصيات وطنية مؤهلة بعيداً عن أي محاصصة حزبية، وقبل كل ذلك من واجبات المرحلة الحالية الشروع والخلاص ومسألة الترتيبات الأمنية وتلك الخاصة باستيعاب حركات الكفاح المسلح وعلى وجه الخصوص قوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية، ليصبح لدينا جيش قومي ووطني من كافة قبائل أهل السودان بالاعتماد في إدارة الدولة السودانية بكل تفاصيلها على مبدأ المواطنة كأساس، دون أدنى تفرقة دينية أو ثقاقية أو عرقية أو جهوية. وعموماً يظل الاتفاق ما بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والمكون العسكري، خطوة إيجابية في اتجاه وحدة الصف الوطني.

وختم حاكم يمكن أن يتصدى للاتفاق بقوة ويرفض ذلك الاتفاق الثنائي جملة وتفصيلاً مما قد يزيد أمر السياسة في بلادنا أكثر تعقيداً مما مضى، والخاسر في نهاية المطاف هو الشعب السوداني المغلوب على أمره وبالتالي يستوجب علينا جميعاً أن نسعى لتذويب كافة المبادرات في وعاء واحد، يجنب بلادنا استمرار الصراعات والخلافات السياسية وحتى العسكرية والذي لن يتحقق إلا بعدم الإقصاء .

وفي صياغ مختلف قال عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي صديق يوسف ماتم أمس في القصر الجمهوري من توقيع مشروع الاتفاق الإطاري كان متوقعاً حدوثه، وذلك عبر المساومة التي حدثت من بعد 25 أكتوبر، وفي اعتقادي أن الوضح سيكون أسوأ من ماهو عليه وسيكون أكثر سوءاً من قبل 25 أكتوبر.

وقال يوسف لـ(الحراك) الشعارات التي كانت تردد بعد انقلاب 25 أكتوبر هي لا تفاوض لا مساومة لا شرعية والذي حدث الآن عكس الشعارات تماماَ، وتابع “جميع العناصر التي كانت جزءاً من حكومة المؤتمر الوطني من مؤتمر شعبي والاتحادي الأصل وأنصار السنة أصبحت الآن ضمن هذا التوقيع.

وجزم يوسف على أن مشروع الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه بالأمس لا يوجد فيه أي خطوة برامجية ولم يعمل على حل أي قضية ولا تحدث عن العدالة ولم يتحدث عن حق الشهداء، ولم يتحدث عن القمع الذي يتعرض له الثوار ويحمل نفس السياسات ولم يطرح أي برنامج وطني، وأضاف “يوسف أن مشروع الاتفاق الإطاري ليس له أي معنى بل هو اتفاق لتقاسم السلطة.

من جانبه قال الناطق الرسمي لتجمع المهنيين السودانيين الوليد علي لـ(الحراك) مازال تجمع المهنيين متمسكاً بموقفه تجاه التسوية السياسية التي تمت الأمس، ومازالنا متمسكين بشعارات ثورة ديسمبر المجيدة، وأن هذا التوقيع يخص الموقعين عليه ولا يخص الثوار.

وأكد على أن هذا الاتفاق المطروح الآن يمثل بعض القوى السياسية والنظام المباد المتمثل في (مجموعة طفيلي المؤتمر الوطني وشركائهم من كبار جنرالات الجيش وبعض المدنيين ومديري الحرب).

وزاد هذا الاتفاق سيؤدي إلى إفلات الانقلابيين من العقاب ويضمن استمرار مصالح الطفيليين التي تتعارض مع مصالح الثوار وبالتالي فإنها تسوية لا يكتب لها النجاح، مؤكداَ على الاستمرار في بناء تنظيماتنا الفئوية والشعبية وسنظل منحازين إلى قضايا التغيير الجذري، وسنستمر في دعم الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب وسيستمر التصعيد الثوري وصولاَ إلى الثورة الشعبية الشاملة، وتفعيل الإضراب السياسي والعصيان المدني لإسقاط الانقلابيين وحلفائهم القدامى والجدد.

فضلاَ عن ذلك قال نائب أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي عثمان إدريس أبو راس التسوية السياسية هي محاولة مفضوحة لشرعنة الانقلاب وذلك واضح جداَ في كيفية استقبال قائد القوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان بالتصفيق الحار، وفي اعتقادي أن هذه العملية السياسية تراهن على المجرب مسبقاَ من قبل الانقضاض على الوثيقة الدستورية وممارسة كل الجرائم بعد 25 أكتوبر والارتداد عن قرارات تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وتعويم القضية، وتنكر لدماء الشهداء وحولت الحرية والتغيير كل من شارك في التسوية السياسية عبارة عن زيت في بحر.

وقال أبو راس لـ(الحراك) شعبنا حكم على انقلاب 25 أكتوبر بالموت وكذلك سيحكم على هذه التسوية السياسية بالموت أيضاً، وختم لا نأتمن من خان العهد والميثاق.

ومن جهته قال عضو لجان مقاومة الخرطوم (الكلاكلات) معاذ خليل لـ(الحراك) لسنا جزءاً من التسوية، ونحن متمسكون بموقفنا الرافض ولسنا معنيين بالتسوية، وخطنا واضح وهو إسقاط الانقلاب وليس الدخول في تسوية سياسية، وتابع “لن نكون جزءاً من عملية تجريب المجرب وخطنا هو إسقاط الانقلاب ومحاكمة القتلة.”

وأكد خليل على مواصلة الحراك الثوري دون توقف حتى إسقاط الانقلاب وتكوين سلطة مدنية تعمل على تحقيق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة.

وقال جبريل إبراهيم نائب رئيس الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية في تغريدة له عبر التويتر حصلت الحراك عليها، الاتفاق الإطاري الثنائي الإقصائي الذي تم توقيعه قبل قليل بعيد كل البعد عن الوفاق الوطني الذي يحقق استقرار الفترة الانتقالية، ولا يفضي إلى انتخابات حرة ونزيهة في المستقبل المأمول، وأضاف “الرهان على المجلس المركزي لتحقيق التحول الديمقراطي رهان خاسر لأن فاقد الشي لا يعطيه.

الخرطوم ـ مُهيبة بيِّن
صحيفة الحراك السياسي