حوارات ولقاءات

في ذكري رحيله السابعة والعشرين .. الفنان مصطفى سيد أحمد .. (يلا يا مزماري غني لوّن الآهات)

في ذكري رحيله السابعة والعشرين
الفنان مصطفى سيد أحمد .. (يلا يا مزماري غني لوّن الآهات)
في ذكرى رحيله العاشرة..

الشاعر مختار دفع الله: كان من المفترض أن يغني الحوت هذه الاغنية لكنه رحل

كشف الشاعر الأستاذ مختار دفع الله أسرار تعامله مع الفنان الراحل محمود عبدالعزيز وقال أنه بعد أن تعامل معه في أغنية (عمري بعدو بالساعات عشان خاطر مواعيدك ) في العام 1996، كان من المفترض أن يتغنى بقصيدة (رد الرسالة) وقام الملحن الفنان عبدالله الكردفاني بتلحينها لمحمود إلا أن القدر كان أسرع ورحل محمود، وقال مختار دفع الله أن محمود طلب منه أغنية (الفرح المهاجر) التي تغنت بها حنان النيل قبل اعتزالها الغناء، وأخذ الأذن من ملحنها الفنان يوسف الموصلي الذي وافق لمحمود عبدالعزيز بعد أن كان قد رفض الطلب لعدد من المطربين.

الشاعر محمد عبد الله يعقوب لـ(البساط أحمدي): هذه هي قصة أغنية غزال القوز التي تغني بها الحوت

قد لا يعلم البعض أن اغنية غزال القوز احدي اغنيات الفنان الراحل محمود عبد العزيز التي حققت نجاحا كبيرا أن شاعرها هو محمد عبدالله يعقوب الذي سألناه عبر البساط أحمدي عن كيف وصلت الاغنية الى الحوت، يعقوب لم يفكر طويلا وقال لنا أولا الأغنية ايقاعها، واضاف لقد كتبت هذه لم اكن اتوقع يوما أن يتغنى بها الحوت رحمة الله عليه.

صمت الشاعر محمد لبرهة واضاف محمود سمع نص القصيدة اثناء استضافته عبر احدى الاذاعات ووقتها لم تربطه به أية معرفة ثم طلب أن يأخذ النص مني وسارع بتلحينها وضمنها في ألبومه الجديد لتحقق نجاحا كبيرا جداً ولازلتُ اتشرف بأن الفنان الاسطورة محمود عبد العزيز فنان الشباب الاول قد تغنى يوما من كلماتي.

في ذكري رحيله السابعة والعشرين
الفنان مصطفى سيد أحمد .. (يلا يا مزماري غني لوّن الآهات)

برحيل مصطفى سيد احمد الذى بلغت سنواته رحيله اليوم الثلاثين عاما، ثمة اتفاق على أن الحراك الثوري في حوجة الى مشروعه الفني الذي كان سيصنع فرقا كبيرا من حيث رفده للغناء الثوري الذي لازم تجربته الفنية، ومشروع مصطفى الذي منذ بدايته استند على شعراء تعامله معهم كان على أن ما بينهم علاقة شراكة لا علاقة فنان بشاعر تنتهي بانتهاء تقديم العمل.
الشاعر قاسم أبو زيد أكد ما ذهبنا إليه حول أن الفنان الراحل مصطفى سيد احمد كان يعتبرهم شركائه في مشروعه الفني، قاسم ابو زيد كان اول لقاء له بمصطفى في المعهد العالي للموسيقى الذى جاءه منتسبا، اما قاسم فجاء عن طريق مكتب القبول، وقبل ذلك عمل سيد احمد استاذا في احدى المدارس التي قدم منها استقالته ليتفرغ للدراسة في المعهد، وقبل أن يقدم ابو زيد اشعاره له عملا معا في جماعة السديم المسرحية التي قرر اعضائها وهم السر السيد.. قاسم ابو زيد، يحيى فضل الله، وفادي عبدالباقي. وصمت هنا قاسم ليمضي بالقول : قررنا آن ذاك تقديم مسرح سوداني اصيل شكلا ومضمونا مع التركيز على التراث على أن لا يكون للمجموعة علاقة بالأجهزة الاعلامية الرسمية، وقدمنا عبرها فكرة المسرح المتجول وطفنا الساحات ورفدنا عبرها الشكل الجديد للأغنيات الذى لا يمكن بثها في الاذاعة والتلفزيون، ومنها خرجت جلسات الاجتماع وقال مصطفى أن شعر المسرح هذا من الممكن أن يتم التغني به لتتفق رؤاه مع رؤى مجموعة السديم وأدارو معا حوارا متواصلا ووجدوا أن همومهم واحدة.

لقد اصبت

لو عيونك ما بشوفوا غير عذاباتي وجراحاتي يلا يا مزماري غنى لون الاهات
هذا اول عمل قدمه قاسم لمصطفى وكثيرون لا يعرفونه، ومن المفارقات أن هذه الاغنية كان من المفترض أن يتغنى بها شخص يدعى فرح حمد، كان طالبا ذلك الوقت في كلية الموسيقى ولكن شاءت الأقدار أن يتغنى بها مصطفى في مهرجان الثقافة في مدني، لتتوالى الاعمال بينهما وأكد قاسم أن مصطفى كان مهموما بالفن الجميل وبرفد اغنياته رغم المرض، فهو عندما كان في الدوحة سد فجوة غيابه بتركه تسجيل الجلسات التي كان يقوم بها ومن ثم تأتي إلينا في السودان وحتى وهو مريض كان حريص على السؤال عن آخر الاشعار، وهنا يذكرني موقف حدث في اتصال هاتفي جمعني به وصديقنا يحيى فضل الله في تلك الفترة التي كانت وسيلة الاتصال صعبة لعدم توفر الهواتف، وكنا نعتمد في معرفة اخباره من اصدقائنا هناك بالإضافة الى الرسائل التي تصلنا من حين لآخر وفي المكالمة تلك سألنا عن الجديد وكان يناديني بالفلاح، وقلت له هناك عمل ولكن اخذه الفنان الهادي الجبل، وقال مصطفى لقد اصبت فالهادي فنان متفرد ولولا غربته لأضاف الكثير الى مسيرة الاغنية الحديثة، واوصانا ايضا ويحيى قائلا :هناك صوت اوصيكم بان تقدموا له اعمال لأنه سيكون له مستقبل ويقصد الفنان محمود عبدالعزيز.

لغة جديدة

هناك اتفاق على أن مصطفى خرج بالأغنية من ماعونها الضيق الى ماعون اوسع وأرحب يسع للحبية وللوطن فتغنى للفقراء ولمرضى السل وللعدالة الاجتماعية وأكد قاسم ذلك، وزاد عليه اغنيته التي سميت بالجديدة لذلك جاءت متميزة وتماشت مع الواقع الجديد انتجت لغة جديدة وكذلك بنيات شعرية جديدة.

اتهام غير صحيح

هناك اتهام يطل برأسه كلما مرت ذكرى رحيل الفنان مصطفى سيد احمد وهو أن غالبية شعرائه توقفوا عند محطته ولم يبارحوا الى غيره، اصبحوا يتخبطون يمنة ويسرى، وهذا الاتهام رفضه مدني النخلي وقال لم نتوقف والدليل على ذلك اننا قدمنا اغنيات كثيرة لفنانين كثر، واتفق قاسم مع مدني وقال هذا حديث غير صحيح فشعراء كثر واصلو مسيرتهم بعد رحيل مصطفى، وقدموا اعمال وجدت القبول وشعرائه اتجهوا الى اتجاهات كتابية اخرى، وفي قولنا لمدني أنه لولا مصطفى لما كان قال: ليس بالضرورة لأنني عندما كتبت الشعر لم يكن في بالي مصطفى ولكن عندما التقيته اتفقت رؤانا خاصة وانه فنان عنيد ومتمرد على النص المألوف، ومن الصعب اقناعه به ويلتقي في هذه الصفة مع الفنان هاشم ميرغني وقد يبقى النص بحوزة مصطفى لأكثر من عام الى أن يضع له اللحن المناسب.

حالة من التوهان

شهد العام 1979 م لقاء مدني ومصطفى في الخرطوم، ونمت بينهما علاقة صداقة ضربت بجذورها الى الاعماق وتحولت الى صحبة عُمر واغنية (عشم باكر) كانت فاتحة التعامل بينهما، وأكد النخلي في حديثه أن اكثر ما كان يميز مصطفى هو ادارته للحوار حول العمل الذى ينوي تقديمه ويعقد له الورش واضاف بصوت حزين مصطفى رحل واصطحب معه مشروعه الغنائي الذي كان سيتواصل ويكتب له النجاح واعترف النخلي انه يعيش حالة من التوهان بعد رحيله ولابد لأية شخص يعرفه يرتبك بموته وعن نفسى بعد أن غاب ارتبكت كثيرا وفي ذكراه لابد أن نجدد الدعوة بالمحافظة على مشروعه، خاصة وأن هناك أصوات جادة ظهرت يمكنها المواصلة ومصطفى كان من المؤمنين بتعاقب الأجيال فهو من قدم الفنان خالد الصحافة الذي وقف الى جواره ولحن له ثمانية اعمال كما لحن أيضا للفنان سيف الجامعة.

الموسيقار الفاتح حسين لـ(البساط أحمدي)

قبل رحيله بقليل فكرنا في تقديم أغنيات سكت الرباب في حفل جماهيري، بدأنا الترتيب له إلا أن إرادة المولى كانت الأقوى ورحل محمود، كلما حلت ذكرى الفنان محمود عبد العزيز يتجه الموسيقار الفاتح حسين مباشرة نحو مكتبته ليبحث عن شريط (سكت الرباب) ليستمع اليه ومن ثم يتذكر كيف التقى الحوت والظروف التي صاحبت ولادة ذلك الألبوم الناجح متحسراً على رحيل محمود الباكر الذي كان على موعد معه لتقديم مشروعات فنية كثيرة.

* بداية كيف تعرفت على الفنان محمود عبدالعزيز ؟
– تعرفت عليه أولاً من خلال صوته وكان ذلك في بداية الثمانينات من خلال شريط كاسيت، وعند سؤالي من هو المطرب عرفت أن اسمه محمود عبدالعزيز ويمارس نشاطه من مركز شباب بحري ووقتها كنت عازف جيتار ضمن فرقة الفنان محمد الأمين.

* اروي لنا تفاصيل تعاونك معه في ألبوم “سكت الرباب” الذي لحنته له ومن ثم حقق نجاحاً لازال الناس يتحدثون عنه؟!
– أثناء دراستي بالأكاديمية الموسيقية الروسية الفترة من 1990م وحتى 1998م قمت بتلحين عدد من الأشعار التي صاغها دكتور وجدي كامل وكنت أبحث عن المؤدي لهذه الألحان وكان في مخيلتي الفنان محمود عبدالعزيز فتم اختياري له بعد أن قدمته لشركة “حصاد” للانتاج الفني فوافق صديقي مدير الشركة الأستاذ أحمد يوسف على فكرتي وهي أن يتم التسجيل باستديوهات موسكو بحكم اقامتي هناك.

* حدثنا عن الظروف التي صاحبت ولادة هذا الألبوم وعن تفاعل محمود مع الألحان التي صغتها له؟!
– ليست هنالك ظروف بعينها إلا أنني أذكر أن التسجيل كان في جو بارد وجليد يصل الى “15” درجة تحت الصفر وهو جو جديد للمرحوم محمود .. بالتالي وحتى اليوم كل ما استمع الى “سكت الرباب” اتذكر تلك الأيام والطقس البارد؛ أما محمود فكان معجباً جداً بتلك الألحان ولولا ذلك لما سافر معي موسكو وذلك كان واضحاً في ادائه العالي للأغنيات.

* هل كان الحوت يبدي رأيه في الألحان ويطلب اجراء تعديل كما يفعل بعض الفنانون ؟!
– لم يحدث أن طلب مني تغييراً أو تعديلاً بل كان يحرص أن يؤدي ويسجل بكل امكانياته الصوتية.

* تجربتك مع محمود لماذا كانت يتيمة؛ أي لم تكررها مرة ثانية ؟
– انشغال محمود بارتباطاته الفنية اضافة الى انشغالي أيضاً بالتدريس في كلية الموسيقى والدراما وسفري المتواصل جعل من هذه التجربة أن تكون يتيمة وكثيراً ما فكرنا أن نقوم ببعض الأعمال الفنية كما في “سكت الرباب”.

* كم استغرقت من الوقت لكي تصيغ ألحان هذا الالبوم ؟
– حقيقة لا اذكر ولكن على ما اعتقد حوالي العام.

* هل استمرت علاقتك مع الحوت حتى رحيله أم انها انتهت بنهاية الشريط ؟!
– استمرت كأخ، وصديق، وجار اضافة الى أنني أحد معجبيه .. كما أن محمود يكن لي كل الاحترام والتقدير وكثيراً ما يرسل لي بعض الرسائل بخط يده ليعبِّر عن احترامه لي .. وكانت هنالك فكرة قبل رحيله بقليل وهي أن نقوم بتقدم أغنيات سكت الرباب في حفل جماهيري كبير بمصاحبة فرقة موسيقية كبيرة ومجموعة كورال كلية الموسيقى والدراما وبالفعل بدأنا الترتيب لتنفيذ هذا البرنامج إلا أن إرادة المولى كانت الأقوى ورحل محمود ولكن لازالت الفكرة موجودة.

حوار ـ رندة بخاري
صحيفة الجريدة