ديوان المراجع القومي .. لسان المالية الفاسد يمتد نحوه!!
جأر العاملون بديوان المراجع القومي بالشكوى من ضمهم الى وزارة المالية طبقاً لقانون التعديلات المتنوعة، وعندما لم يستجب لهم أحد نفذوا وقفة احتجاجية لمناهضة تعديل قانون ديوان المراجعة الذي قامت به وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي ضمن مصفوفة التعديلات المتنوعة التي صاحبت موازنة العام الحالي وأعلنوا في الوقت ذاته عن اعتزامهم تقديم مذكرة الى مجلس السيادة للمطالبة بإلغاء تعديل قانون ديوان المراجعة القومي لسنة 2015م وهددوا بالدخول في إضراب مفتوح عن العمل حال عدم تنفيذ ذلك .
وأكد عضو لجنة مناهضة التعديلات يس جمعة عدم شرعية التعديلات التي تمت بواسطة وزارة المالية وأجازها مجلس السيادة وقطع بأنها تمس استقلالية الديوان.
وكشف في اللقاء التنويري الذي عقدته اللجنة بمقر الديوان عن تفاصيل التعديلات والتي شملت المادة 2 والتي استثني بموجبها ديوان المراجعة من قانون الخدمة المدنية ، بجانب المادة الرابعة التي نصت على إنشاء ديوان مستقل ، والمادة 6 الفقرة 2 من اختصاصات الديوان وسلطاته والتي تحدثت عن الهيكل التنظيمي ورفعه الى رئاسة الجمهورية وأردف( القانون كفل هذه السلطة للجهاز دون أي جهاز آخر حيث أعطته سلطة مراجعة أي قوانين ولوائح ونظم مالية وادارية واقتراح ما يلزم من تعديل) ، وأشار إلى أن تعديل المادة 20 الخاصة بمخصصات المراجع العام التي كان يجيزها رئيس الجمهورية وتم الاستعاضة عنها بموافقة وزير المالية وأرجع رفضهم لهذا التعديل لجهة أن الديوان سيصبح وكأنه إدارة من ادارات وزارة المالية ورأى أن ذلك لا يستقيم مع الوضع القانوني السليم ويمس استغلالية المراجع العام وذكر التعديلات شملت اعتماد هيكل الأجور الجديد للديوان وفق ما يقرره مجلس الوزراء غير قانونية لأنه جهاز رقابي لا يمكن أن يكون تحت مظلة الجهاز التنفيذي)
من الواضح أن التعديلات التي طالت ديوان المراجع القومي الهدف منها نسف إستقلاليته، ومعلوم أن قانون ديوان المراجعة القومي لسنة 2015م والذي عدل بموجب قانون التعديلات المتنوعة لسنة 2023م كان نتاجاً لجهود سنوات عجاف من عمر هذه المؤسسة العريقة.. وهدف القانون الأساسي هو تكريس إستقلالية الديوان تشريعاً وممارسةً ، ورغم كثير من التحفظات على الديوان في العهد البائد ..كسب نتيجة هذه الإستقلالية إحترام المنظمات العالمية ومُنح مكانة رائدة بين الأجهزة الرقابية جعلته الرابع أفريقياً والأول عربياً .
قانون الديوان بوضعه الحالي وافقت وزارة المالية عليه ومنح بموجبه اختصاصات وصلاحيات تمكنه من فرض ولاية وزارة المالية على المال العام ، إذن لا حاجة لتعديل قانون يتوافق تماماً مع ولاية وزارة المالية على المال العام، فتعديله يحدث أثراً سالباً على الديوان وعلى الدولة والإقتصاد الكلي …فهذه التعديلات ببساطة تقوض إستقلالية الديوان وتكبح سلطاته في مكافحة الفساد وفرضها على كل أجهزة الدولة.
أسئلة كثيرة تتبادر للذهن هل وزارة المالية لا تدرك حدود ولايتها على المال العام؟ أم هي تدرك ولكن لها أهداف أخرى من وراء التعديلات والتي تكرس هيمنتها على الأجهزة الرقابية والعدلية والتحكم فيها من خلال هذه التعديلات والتي عنوانها ولاية وزارة المالية على المال العامة ومضمونها هيمنة وزارة المالية على الأجهزة التي تصين وتراقب المال العام لتنفرد بالتصرف فيه دون رقابة ذات جدوى من أجهزة تستجدي منها ما يسد حاجتها لتسيير أعمالها.
الديوان يخضع مهنياً لتقييم المنظمات العالمية والإقليمية بصورة دورية ويتم نشر التقارير عنه كباقي الأجهزة في مواقع تلك المنظمات المهنية وتعتمد عليه المنظمات الدولية والمانحين في تحديد درجة الشفافية والمساءلة العامة في الدولة وأولها البنك الدولي ، فهل تريد المالية وضعه تحت إبطها وتقييده لتخرج هذه التقارير من بيت الطاعة؟
لم تكن التعديلات المتعاقبة لقانون الديوان بغرض سد الثغرات والنواقص بالقانون إنما كانت دوماً تأتي لإستعياب المعايير الدولية التي يعمل وفقها الديوان والتوجيهات وإعلانات المنظمات والإتفاقيات التي يوقع عليها السودان من أجل أن يكون الديوان في مصاف الأجهزة العالمية فينعكس ذلك بدوره على سمعة الدولة ونظرة المنظمات العالمية والصناديق الدولية والمانحين فيما يخص الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد ولكن ما يجري الآن يفسر نوايا الانقلابيين و ولوغهم في الفساد بصورة أكبر من معلميهم.
كتب – أشرف عبدالعزيز
صحيفة الجريدة