ما قبل التدخل العسكري المصري العلني إلى جانب البرهان
بالنظر إلى مخرجات قمة دول جوار السودان التي انعقدت بالعاصمة المصرية “القاهرة” في ضيافة الرئيس “السيسي”، وحرص القادة الأفارقة على الحضور بأنفسهم، نجد أن هذه كانت بمثابة الفرصة الأخيرة لمنع جيران السودان من التدخل في شؤونه الداخلية وفرض قرارات تنتقص من سيادته الوطنية.
ونلاحظ أنه حتى القادة الأفارقة ممن شاركوا قبل أيام في قمة “إيقاد”، لم يستطيعوا أن يجاهروا بسوء نيتهم كما جاهروا بها في أديس أبابا، بل حاولوا أن يذوبوا في مقترحات السيسي لحل الأزمة، والتي ستكون بشكل متدرج.
وفي اعتقادي بأن القمة كان الهدف الرئيسي منها هو تحذير القادة الأفارقة ممن يجاورون السودان أو ممن لديهم أطماع فيه ولديهم علاقات مشبوهة مع قائد الدعم السريع “حميدتي”، بأن مصر موجودة، ولن تتهاون في أمنها القومي، وفي الاعتبار أن الجيش المصري هو أقوى جيوش المنطقة عتاداً وتسليحاً وجنوداً.
كان من مصلحة مصر – وهي تعلم ذلك – منذ بداية الحرب بأن تدعم الشرعية السودانية متمثلة في القوات المسلحة وقائدها “البرهان”، لكن مصر نفسها كانت معرضة للضغوط من حلفائها بالخليج، وبالتالي فإما قيامها بالدعم الخفي، أو انتظار ما تسفر عنه المواجهات لتضع خطتها العلنية، وهذا ما قامت به الآن من خلال عقد هذه القمة، فالخطر أصبح قريباً مع تمدد قوات الدعم السريع وتفلتها في مناطق عدة بالسودان.
الآن أي تصرف يقوم به الجيش المصري لن يستطيع أن يعارضه أحد، وهذا بالضبط في حال فشل تطبيق مخرجات القمة، ونلاحظ بأن الدعم السريع سارع بالترحيب بمخرجات القمة، ولعلها مناورة سياسية، فهم يعلمون بأن رفضهم لمقررات القمة يعني تعجيل تدخل الجيش المصري العلني في السودان ووقوفه بجانب البرهان، وهذا ما يحاولون تأخيره على الأقل لحين تحقيق مكاسب أكثر على الأرض، ولحين عودة الضغط على مصر من جديد.
وبالنظر إلى نبرة الرئيس “السيسي” وجديته في القمة التي استضافته بلاده، لا اعتقد بأن مصر ستتراجع أو تنحني لأي نوع من الضغوط، فما حدث في السودان لم يحدث من قبل، وبالتالي تداعياته يمكن أن تفعل في مصر كما لم يفعل بها من قبل.
إذن بصورة “خفية” أو علنية، مصر حجزت مكانها الطبيعي في أزمة السودان، وإما أن تقود هي زمام المبادرة، أو ستجد نفسها خارج الحلبة ومُقادة مثلها ومثل الدول التي لا تملك قرارها.
بقلم: أحمد إبراهيم – “ود سنجة”
نقلاً عن “كوش نيوز”