رأي ومقالات

سناء حمد: الحكيم مريدة .. الناصح النبيل

ظننت منذ بضع سنين ان السودان اصبح قفراً من الحكماء ومن الشجعان ، وكان القلق عظيماً على مستقبل دولة خاليةٍ منهم و وقد غدت بلا رموز ، ولكن لأن المحن في طيّها دوماً المنح ..فإن السودان وهو يقف عند الهاوية والموت يحوِّم فوق ارضه اول يومٍ للانقلاب الدموي الفاشل والذي تحوّل لحربٍ ضروس غير مسبوقة في بشاعتها ووحشيتها وطول امدها ، ففي ذلك اليوم ومع استشهاد خمسةٌ وثلاثون بطلا من ضباط وجنود الحرس الرئاسي ، وقفوا في عين الردى مع بضع مئات من الضباط والجنود في القيادة العامة كُسر الانقلاب ، وكان السودان يصرخ يومذاك ” انا ارض الرجال والشجعان “!

ثم تتالت رموز الشجاعة والصمود ، قوافل من الشهداء الابطال تسد مكانهم قوافل من الشجعان الصامدين لأجل هذه الارض وشعبها .

هولاء هم الشجعان ، فأين هم الحكماء !! الحكمة لها مواصفات ، هي شجاعة وجراءة ، الحكمة هى حراسة للاخلاق والقيم وهي بعد نظر واستبصار للمألات والنهايات وتسامي على حظ النفس ، هي بصيرة وخبرة وبعد نظر ..اين الحكماء؟! ، ثم استمعت اليه ..ورغم طول التسجيل اعدته عديد مرات ، وانا اقول هذه هي البداية ، ما زال في هذه البلاد حكماء !
لقد كان من هناك من ارض عرفت بالحكمة ، من ديار المسيرية ، انساب صوته بقوة ووضوح وحسن منطق ، أحد أعيان المسيرية العجايرة السيد / مريدة جقر حامدين، الذي فصِّل بوضوح ما جرى في الفولة من نهب وسلب وخطف ،

وقال بوضوح ان من فعل ذلك هم اولاً بعضاً من المتفلتين الذين تدعمهم وتحميهم البطون التي ينتمون اليها ! فأمعنوا في استغلال هذه الحماية من المساءلة لمزيد من التجاوزات التي هددت الأمن والاستقرار. ، وثانياً شبابهم العائدون من الخرطوم بعد ان شاركوا في استباحتها تحت راية الدعم السريع ، لقد وضع الحكيم مريدة يده على الداء ، وهو المجاملات التي تمت وتتم مع المتفلتين والمخطئين وقد اضاعت المجاملات السودان كله ، وهددت وجوده الان !! لقد استنكر العديد من الظواهر التي حدثت وتوقف عند ما رآه سلوكاً غريباً ودخيلاً على المسيرية كنهب البيوت وخرق المؤسسات وخطف التجار و الفتيات والمطالبة بالفدية !! .

إن اهمية هذا التسجيل القوي كبيرة ” على الاقل عندي “، الاولى اهمية معنوية ، فللمسيرية في نفوس أهل السودان مكانةً كبيرة وعظيمة ولهم في هذه البلاد يدٌ وسبق ، وعندي انا مكانتهم كانت وما زالت خاصة فبعض اقرب اخوتي واصدقائي منها ، وهم جميعاً نبلاء وقادة اصحاب قيم ومرؤات وشهامة .

ومن هذه القبيلة احد اهم قادة السودان وحكمائه المعدودين الناظر بابو نمر .
ان قتل الابرياء العزّل واغتصاب النساء ونهب البيوت وتهجير الاسر من بيوتها وامتهان كرامة الشيوخ والعجائز ، عار ثقيل سجله التاريخ ، و يتواصل قادة الدعم السريع مع العديد من القيادات والنخب ، يتبرأون منه ويتهمون به المسيرية الذين نقف عندهم تاريخهم اكباراً لهم واحترماً لانهم حموا السودان واهله طوال تاريخهم وكانوا فاعلين في مسيرة هذه البلد وكانوا منهم قادة الجيش والرأي .

كان السودان كله بحاجة ليخرج احد مُقدَمي المسيرية ليتبرأ علناً مما فعله الذين جيّشهم آل دقلو وسماسرة الحروب المعروفون فرداً فرداً والذين سلمت قوائم منهم كمسؤولين من هذه الفظائع ، التي ذكر قادة الدعم عبر رسلهم انها لم تكن توجيهاتهم بل بتحريض من هولاء الذين ذكروهم بالاسم !! ،
!
ستنتهي ” كتلة الخرطوم ” بعشرات الالوف من القتلى وهم خصمٌ على السودان كبير ، ولكنها في أوان قدّره الله ستنتهي ، وعساه يكون يوماً قريباً ، سيخسر الجشعون معركتهم ، ولكن دمارهم الذي احدثوه سيمتد ، فمغامرتهم كانت خصماً على الوجود العربي حيث كان ، ففي النيجر افقدهم طموح ال دقلو كل المكاسب التي حققوها عبر عقود واعادهم محض اقلية يترقبون مصيرهم المظلم ! ! وسيكون الامر كذلك في غرب افريقيا والساحل ، ستدفع القبائل التي شاركت في هذه الجريمة الثمن في دولها وسيصبح المقاتلين المهزومين والهاربين من السودان وبالاً على اهلهم وقبائلهم ..وسنتأكد انهم سيدفعون ثمن ما فعلوه في بلادنا مضاعفاً !

لقد اشار الحكيم حامدين الى خطورة تجييش المليشيا لهذه المجموعات تحت شعار ” ما تلقاه في وشك حقك ” اي ان كل ما تعثر عليه في الخرطوم وباي وسيلة فهو ملك لك ! لقد اعلنوا حرباً بلا اخلاق ، وكانت ساحة معركتهم الكبرى بيوت الناس واجساد النساء ! لقد ايقظت هذه الدعوة الوحش الكامن في كل نفسٍ لا دين عاصم لها ولا سلطة تخاف منها ، انطلقت حرب بربرية بمعنى الكلمة ، كان المقاتلون فيها وحوش تعلمت كيف تسحق الروح بلا تردد وتهتك الاعراض بلا مرؤة وتنهب البيوت والممتلكات بلا ذرة خجل ، لقد حوّلوا شباب صغار السن في البادية وعديد من المتفلتين والجشعين لماكينة دمار شامل ، والى جيش من اللصوص لا يعرفون حدودا ولا حرمات .

طالب السيد مريدة الادارة الاهلية ان تقوم بدورها في ضبط شبابها وحسم التفلتات ، والابتعاد عن المجاملات … حتى لا يتمدد الحريق ، ومن باب النوايا الحسنة هذه تم تدمير السودان وكسر انسانه ، !

يا سيدي السودان كله يحتاج لنصيحتك هذه ، يحتاج الى ان تقوى فيه مؤسسات الدولة وتُسند وأن يحميها الشعب كما فعل عمد المسيرية مع مؤسسات الدولة في الفولة ، ا..
على اعمامنا واخوتنا قيادات وحكماء المسيرية سحب ابنائهم من الخرطوم ، التي قتل فيها الالاف وتركت جثث معظمهم على الطرقات نهباً للكلاب ! إن هولاء المغرر بهم لا يستحقون هذه الميته ، ! وبالمقابل نال السماسرة من المسؤولين السابقين والعمد والاعيان عن كل فرد منهم جندوه مبلغا وقدره فتضخمت حساباتهم البنكية وتحسنت حياة اسرهم وابنائهم !!!
كلما طال مكوث ابنائكم في الخرطوم بين اولئك المرتزقة عادوا اليكم بنصف عقل من المخدرات وحبوب الهلوسة ، عادوا اليكم وهم قد اعتادوا الحياة تحت ظل بنادقهم ، يتحركون ويعيشون كوحوش ضارية ، تقتل وتغتصب وتنهب وتحرق وتدمر ، سيعودون ليفعلوا بكم ذلك ..ستكون هناك عشرات الحرائق لمدنكم وقراكم بايدي ابنائكم العائدين من جحيم ال دقلو واعوانهم .. سيموت المئات كل اسبوع على ايدي هولاء ..

ايها الحكماء في تلك القبائل قليل من الشجاعة وكثير من الحكمة ، سيضمن امنكم واستقراركم انتم اولاً ، إن عدوكم القادم سيكون من ثنايا ثيابكم ..انهم ابناؤكم الذين حولهم حميدتي وعبدالرحيم لالة قتل بلا عقل ولا ضمير ..انقذوا ما يمكن انقاذه لتنقذوا المستقبل ..
هذه الشدائد ، رغم قسوتها لكنها جعلت الامور اكثر وضوحا فلا حجة لاحد بأنه جاهلٌ لم يعلم او اختلطت عليه الامور …ك

سناء حمد