رشان أوشي: بورتسودان… القضية المركزية (2_2)
قبل أربعة أعوام لم يتصور أحد أن تغرق مدينة “بورتسودان” الساحلية الساحرة في أكوام القمامة، وأن يخبو بريقها المميز.
نوفمبر ٢٠١٧م، كانت المرة الأولى التي أزور فيها مدينة “بورتسودان”، كانت نسمات نوفمبر الباردة تعبث بشغاف روحي، كنت أنظر بعيون الدهشة للشوارع النظيفة، والنهضة العمرانية، ومستوى أناقة هذه المدينة الساحلية الفتية؛الواقع يقول ان “محمد طاهر إيلا” ترك بصمات لن تمحى على مدينة “بورتسودان”، وهذه حقيقة لا ينكرها الا مكابر.
العام الماضي ساقتني الاقدار مرة اخرى الى عروس البحر الأحمر، كنت اعمل على تصوير وإنتاج برنامج “وعد وأمنيات” الموسم الأول، لاحظت تدني مستوى الخدمات، رغم احتفاظ المدينة ب ألقها وسحرها الاخاذ، لطالما تمنيت لو كنت من سكانها واهلها الكرماء الطيبون.
بعد خراب الخرطوم على يد وكلاء المشروع الإماراتي، وجولة مرهقة على ولايات (نهر النيل، الشمالية، كسلا، القضارف)، كانت محطتي الخامسة هي ولاية البحر، وتحديداً مدينة “بورتسودان”، كانت رحلتي إليها شاقة، مفعمة بالمغامرة، مليئة بالقلق.
على امتداد الطريق القومي من القضارف وحتى البحر الأحمر تنتشر القوات المسلحة بكثافة؛ وسط اجراءات أمنية مشددة يعبر المسافرون نقاط التفتيش، وبعد مغادرة كسلا، ودخول حدود ولاية البحر الأحمر كان واضحا ان القبضة الأمنية محكمة، حيث زادت نقاط التأمين والتفتيش المدججة بالسلاح، انتشار كثيف للجيش، شباب متحمسون للعمل، يستقبلون المسافرون بترحاب، يعتذرون اولاً عن قسوة الاجراءات الأمنية، يتفادون تفتيش النساء، تلاحقهم دعوات المارة “ربنا ينصركم”، “منصورين بإذن الله”.
تعاون كبير بين المواطن والاجهزة النظامية التمسته من خلال الالتزام الصارم بمواعيد حظر التجوال، حيث تبدأ الشوارع تخلو من المارة منذ التاسعة مساء.
لفت نظري ان شوارع المدينة الساحلية اصبحت متسخة، حيث تجد اكوام القمامة على جنبات الطريق، مع تقديرنا للجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة ولاية البحر الاحمر في سبيل توفير قدر معقول من الخدمات والتكيف مع الضغط السكاني بسبب النزوح من الخرطوم.
بجانب استضافة جزء من الحكومة التنفيذية والسيادية، والتي بلا شك تشكل عبء وضغط كبير على حكومة الولاية، ولكن الاهتمام بخدمة نظافة المدينة ايضا امر في غاية الأهمية، حتى لا تفقد بورتسودان رونقها الاخاذ.
محبتي واحترامي
رشان أوشي