خولة البوعينين: أناقة.. من نوعٍ آخر !
من الجليل أن يعتني المرء بأناقته، بأبهة تفاصيله في ملبسه ومظهره وفي بهاء سمته وحضوره.
والأجمل أن يحوز تلك الأناقة في دواخله، بدايةً من أناقة وجدانه وإحساسه، ورقي عقله وفكره وتدبره، وبصره وبصيرته، أناقةً ينتقي بها أجمل المشاعر يُدرب عليها مهجة قلبه، فيفيض فؤاده حباً للعالمين، وتسامحاً وغفراناً، ورقياً لعقله يصطفي لنهاه أطايب الأفكار، مما يرفع الهمة، ويُقوي الشكيمة، ويزيد القدرة في حُسن الظن و امتداد الأمل.
تلك الأناقة التي تتبدى حتى ذائقته في اختيار لطائف التعبير، وأطايب الكلمات، لأنها تُدرك أن الكلمة الطيبة صدقة، وأن الصمت مُقدم عندما تضيق العبارة بجميل المنطوق، ولطيف الانتقاء للحرف والكلمة، وأنه من الذوق الاعتناء بتفاصيل ماذا يُقال ومتى يُقال وكيف يُقال، عنايةً تُنبئ عن ارتقاءٍ في الفكر، وسمو في الشعور.
تلك الأناقة الروحية تنعكس قبل أي شيءٍ على صاحبها فتجعله يترفع عن كل ما يمكن أن يهوي به إلى كل منقصة في الخلق والمسلك، فتغدو نفسه عفوية في أفراحها، سامية في أتراحها.
راقية في حضورها، بهية في غيابها، تحفظ للود مقامه، وتذكر للطيب أهله، وفية لمن أحسن لها، كريمة في إسعاد من تُحب.
لا تفجر في الخصومة، وتحفظ للغيبات حرمتها، تُحسن الظن وتلتمس العذر وتصون السر وتحترم العشرة.
راقية تلك النفس، جميلة في حضورها وغيابها، وأصيلة في ودها ومحبتها.
من حازها فكراً ووجداناً ولفظاً وسلوكاً فقد حاز خيراً عظيماً لا يُشترى إلا بملء الفؤاد.. وداداً وصوناً!.
لحظة إدراك
الأناقة الحقة تبدأ من الداخل إلى الخارج، هي أناقة الروح ورقي الفكر والشعور، وسمو الخُلق والوجدان.
هي رقة الحاشية، ولطف الشعور بلا تصنع ولا ابتذال، وشرف الفكر وعذوبة الأطباع بلا استخفاف، وبشاشة الروح، وتواضع بهي بلا امتهان.
يفيض أثر كل ذلك خارجاً، فتكتمل مخبراً ومظهراً!.
خولة البوعينين – الشرق القطرية