تحقيقات وتقاريرمدارات

أحد أهم مراكز تصدير الصمغ العربي .. كيف تبدو حياة سكان نيالا فوق ركام الحرب؟

وضعت قوات الدعم السريع، الأسبوع الماضي، يدها على مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، بعد انسحاب الفرقة الـ16 التابعة للجيش السوداني من المدينة عقب أشهر من المواجهات والقصف المتبادل، ما يعد نقطة تحول في الحرب الممتدة منذ قرابة 7 أشهر.

وشهدت نيالا موجات من القتال العنيف، وأودى القصف الجوي والمدفعي بحياة العشرات، ودمر منازل المدنيين وعطّل الخدمات الأساسية، فيما نزح ما لا يقل عن 670 ألف شخص من سكان ولاية جنوب دارفور من منازلهم، بحسب وكالة “رويترز”.

وخلال عمر المواجهات بين الجيش والدعم السريع تعطلت أجزاء من المدينة بسبب القتال، وتوقف سوقها الكبير من العمل، إلى جانب معظم المستشفيات.

ولا تملك الجهات الرسمية تقديرات بشأن عدد الضحايا، بسبب صعوبة الوصول إلى الجثامين، والتي كانت في ساحة المعركة التي دارت في محيط قيادة الفرقة الـ16 وأحياء سكنية متاخمة لها مثل “الجير” و”النهضة”.

وشاهد من بقي من سكان نيالا الذي نزح معظمهم إلى خارج المدينة، واقعاً جديداً بعد أن حاولوا الخروج لتقصي الأوضاع، ورؤية الدمار الذي طال المدينة جراء الاشتباكات التي استمرت أشهراً.

وقال علي وهو أحد سكان نيالا الذين فضلوا الحديث لـ”الشرق” بهذا الاسم المستعار، إن “جميع سكان أحياء النهضة والجير وأحياء أخرى قريبة من قيادة الفرقة الـ16 في حالة هلع وخوف من بطش الدعم السريع عقب سيطرته على كل المدينة”.

وأشار علي إلى أنه “تم اعتقال عدد من شباب المدينة بحجة اتهامهم بالتعاون مع استخبارات الجيش، أو بتهمة حفر متاريس في مداخل الأحياء لمنع تقدم الدعم السريع”.

وذكر علي أن “هذه المتاريس كانت لمنع اللصوص والمتفلتين من التوغل لأحيائنا وسرقتها”، لافتاً إلى “وجود ارتكازات للدعم السريع حالياً في كل أجزاء المدينة حيث يُدَقَّق في الهويات والوجهات”.

وأوضح علي أن “النزوح مستمر لخارج المدينة، وذلك بمعاونة القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة أو بصورة فردية”، لكنه أضاف: “هناك كثير من سكان نيالا يتواجدون فيها، إما خوفاً من الخروج أو لعدم القدرة المالية”.

أما مادبو وهو أيضاً من سكان نيالا وصف الأوضاع بـ”الصعبة خلال أول يومين عقب خروج الجيش”، وقال: “شهدت المدينة حالات نهب واسعة، إلا أن الأوضاع تبدلت وتتجه نحو الهدوء، وبدأ الناس يعودون إلى نشاطهم، كما أن لدي معلومات بأن هناك محاولة لتشغيل مستشفى نيالا التعليمي بمشاركة مجموعة من الأطباء بالمدينة لاستقبال المرضى والجرحى”.

ونشرت صفحة “ملاعب نيالا” على فيسبوك صوراً قالت إنها للدمار الذي طال استاد نيالا لكرة القدم، فيما نشرت صفحات أخرى دماراً وأثار نهب طالت سوق المدينة الكبير.

وعقب دخولها مقر قيادة الفرقة الـ16، سارعت قوات الدعم السريع بدعوة المواطنين إلى عدم الهلع والعودة إلى حياتهم الطبيعية، وذلك عبر مخاطبة لقائد ثاني قوات السريع عبد الرحيم دقلو، والذي كان يقود المعارك، وحشد لها وفق شهود عيان، مجموعات قبلية مناصرة للدعم السريع في الإقليم.

وقد تشكل السيطرة على عاصمة ولاية جنوب دارفور في غرب السودان نقطة تحول في الحرب الممتدة منذ قرابة 7 أشهر، وتأتي في وقت من المقرر أن يستأنف فيه الجيش السوداني والدعم السريع المفاوضات في مدينة جدة السعودية.

وتعد مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وهي ثاني أكبر مدينة في البلاد بعد الخرطوم، وتبعد عنها حوالي ألف كيلو، وتتقاطع عندها الطرق من شرق وغرب دارفور وشمالها.

كما لدى ولاية جنوب دارفور حدوداً برية مع دولتي جنوب السودان وإفريقيا الوسطى ما يزيد أهمية المدينة التي تملك مطاراً إلى جانب موقعها الاستراتيجي في حركة النقل البري بين مدن الولاية وبقية أجزاء إقليم دارفور مترامي الأطراف.

وتضم نيالا مجموعات سكانية مختلفة من القبائل الإفريقية والعربية، مثل “الداجو” و”الفور” و”البرنو”، وانضمت إليها عدة قبائل منها “الرزيقات” و”المسيرية” و”البني هلبة” و”الهبانية” و”التعايشة” وغيرهم من القبائل العربية في دارفور، بجانب التجار الوافدين من شمال ووسط السودان.

وفيها يقع أحد أكبر أسواق المواشي في إقليم دارفور غربي السودان، وبورصة نيالا للمحاصيل الزراعية، وسوقاً للتوابل ومنتجات عسل النحل، بجانب كونها أحد أهم مراكز تصدير الصمغ العربي والماشية في الإقليم.

أحمد العربي – قناة الشرق للأخبار