رأي ومقالات

أحلي فاشيين اسلاميين نحبهم في الدهر

في عهد نظام البشير، ولعقود من الزمن، وقفت ضد العقوبات الأمريكية المفروضة وبررت موقفي بأن العقوبات تؤذي الشعب السوداني، وليس النظام، وأن قبول الولايات المتحدة كأب سيجلب لنا الديمقراطية، من حيث المبدأ، هو وهم وهراء كمبرادوري يخدم مصالح أصحابه والمنادين به.

في ذلك الوقت، اختلف معي من كانوا متحالفين مع الغرب وفي خدمة منظماته غير الحكومية إسميا والذين كانت السياسة بالنسبة لهم فنًا لكسب العيش، ووصفوني بأنني إخواني متنكر دون تقديم أي دليل على إخوانتي باستثناء رفضي لعقوبات الأمريكية وعدم انضمامي إلى قطار فتة ماما أمريكا.

وبعد سنوات قليلة، توصل ممثلو نفس المجموعات التي اتهمتنا بالكوزنة إلى اتفاق هبوط لزج في حضن نظام البشير ووافقوا على الانضمام إلى حكومته كشركاء صغار بعد عملية انتخابية صورية يسيطر عليها البشير بشكل كامل.

لكن ثورة 2019 أفسدت الطبخة وخلقت واقعا جديدا قطع الطريق علي الهبوط اللزج. وبعد ذلك فإن نفس الذين أطلقوا علي لقب إخواني ذهبوا لإنقاذ جنرالات نظام الإخوان ومدوا لهم طوق النجاة باتفاق سياسي ووثيقة دستورية شرعنا جنرالات البشير ووفرا لهما حماية سياسية في الداخل وحماية دبلوماسية في الخارج. ثم شكلوا حكومة برئاسة اللجنة الأمنية لنظام البشير بمن فيهم البرهان والسيد دقلو الذي خلقه البشير من لا شيء وسماه حمايتي ووصفه بانه أعظم انجازات رئاسته الأخوانية.

لكن الصفقة الغبية الساذجة انفجرت في وجوههم واندلعت حرب أهلية طاحنة نتيجة للفشل السياسي المريع الذي قادوه من ألف إلي ياء. نفس الذين كانوا بالأمس في تحالف وثيق مع جنرالات الإخوان في شراكة وصفوها بالمثالية وغير المسبوقة وجدوا أنفسهم على الجانب الآخر من الحرب وأعادوا اكتشاف أن جماعة الجنرال البرهان هم في الحقيقة أخوان ولكن هذه المرة تم اسقاط عمدي للسجل الاخواني للجنجويد من الذاكرة التاريخية.

وبدلا من البحث عن العبر نسوا تحالف منظوماتهم مع جنرالات البشير وتناغمهم معهم. ثم لجأوا إلى حيلة متقنة تتهم كل من يختلف مع تحليلهم أو موقفهم كعميل للإخوان واصبح اختبار عباد الشمس الكافي لاثبات الأخوانية هو رفض سردية الجنجويد ومشروعهم الذي تمتلكه أسرة ويموله خارج. في هذا الخطاب التدليسي لا حاجة لآي دليل لاثبات اخوانية المتهم سوي قوله أنه مهما كانت مشكلة الدولة السودانية ومؤسساتها فان الجنجوة ليس حلا مناسبا بل هي علاج لا يقل سوءا عن المرض.

فها نحن مرة أخرى مع أقلام المجموعات التي قبلت المصالحة مع نظام البشير، وأنقذت جنرالات الإخوان في عام 2019، وشكلت حكومة برئاسة جنرالات الإخوان وأضافت إلى قحتها حزب المؤتمر الوطني الإخواني الترابي واحزاب وافراد عملوا في حكومة البشير إلي يوم سقوطها، يجرؤون مرة أخرى علي وصف خصومهم الفكريين الليبراليين واليساريين بأنهم إخوان أو مؤيدون للفاشية الإسلامية أو أغبياء في خدمة الإخوان.

على أية حال، إذا كان الأخوان من طينة د. عشاري، ود. محمد جلال هاشم، ود. قصي همرور ود. محمد سليمان، فمن يكره أن يكون إخوانياً؟ اللهم أبعثنا مع هكذا اخوان واكفنا شر الكمبرادور وجنجوة الكبر.

معتصم اقرع