باستثمارات 5.7 مليار جنيه.. رحلة مصرية طموحة نحو الاستدامة في الكهرباء
حقق قطاع الكهرباء إنجازات استثنائية خلال عام 2023، بالتركيز على تقليل الفاقد وضمان الاستدامة، حيث شهدت شبكة النقل الكهربائي المصري تنفيذ استثمارات بلغت حوالي 5.7 مليار جنيه، شملت إنشاء خطوط نقل كهرباء حديثة، وتدعيم خطوط قائمة، وإنشاء محطات محولات جديدة، فضلًا عن توسعة محطات محولات قائمة، وخاصة في الصعيد والمحافظات الأكثر احتياجًا.
بدأت رحلة مصر الطموحة لتطوير قطاع الكهرباء في عام 2014، وذلك بفضل الدعم القوي الذي حظيت به من القيادة السياسية، حيث تم إطلاق المشروع القومي للكهرباء، وكانت هذه البادرة البارزة هي البداية الحاسمة نحو تحقيق الإنجازات المتتالية في قطاع الطاقة.
وباستخدام التكنولوجيا الحديثة وبالتعاون مع القطاع الخاص، تم تنفيذ مشروعات ضخمة تهدف إلى زيادة قدرة التوليد وتحديث البنية التحتية القائمة، وشملت الخطة العاجلة لتوليد الكهرباء التوسع في مجالات الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الإنتاج الحالي، وأسهمت تلك الجهود في تحقيق نجاح كبير خلال فترة قصيرة تبلغ ست سنوات فقط، شهدت خلالها مصر زيادة هائلة في إنتاجية الكهرباء، حيث ارتفعت بمقدار 30 جيجاوات، وهو رقم استثنائي أثار إعجاب المجتمع الدولي.
وبفضل التوسع في زيادة القدرات الكهربائية، تم تلبية الاحتياجات المتزايدة للطاقة وضمان توفير الكهرباء بشكل مستدام، وتضمنت القدرات الكهربائية المضافة منذ عام 2014، 31 وحدة إنتاج طاقة كهربائية، بالإضافة لمجمع بنبان للطاقة الشمسية الذي تم إنجازه بإجمالي قدرات تصل إلى حوالي 30 جيجاوات ما يعادل 14 ضعف قدرة السد العالي؛ ليصبح إجمالي قدرات التوليد الموجودة بالشبكة حوالي 59 جيجاوات من 75 وحدة توليد.
كما بذلت وزارة الكهرباء جهودا هائلة لتطوير الشبكة الكهربائية لضمان توزيع الطاقة الكهربائية بكفاءة عالية وتقليل فاقد الطاقة، وتم تطوير الشبكة لتتواكب مع الطلب المتزايد ولضمان استيعاب الزيادة المستمرة في الاستهلاك، ومنذ عام 2014، ركزت الوزارة على الاستثمار المستدام لتعزيز وتحديث منظومة نقل الكهرباء، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات في هذا السياق حوالي 90.7 مليار جنيه، وتم توجيه هذه الاستثمارات نحو تعزيز البنية التحتية بما يتماشى مع الزيادة المستمرة في القدرات التوليدية، خاصة من مشروعات الطاقات المتجددة.
بالإضافة إلى ذلك، تم إجراء تحديث شامل للتجهيزات التقنية واستخدام أنظمة تحكم متقدمة في الشبكة، ما أسهم بشكل كبير في تعزيز الاستجابة الفعّالة وتحقيق استقرار أفضل للشبكة، تلك التطورات الهامة لعبت دورًا حيويًا في تحسين جودة الخدمات الكهربائية وتقليل حالات انقطاع التيار الكهربائي.
ونتيجة لهذه التحسينات، نجح قطاع الكهرباء في تعزيز وتطوير شبكات نقل الكهرباء بما يسمح بسهولة استيعاب الزيادات الكبيرة في القدرات، سواءً كانت من مصادر جديدة أو متجددة، والاستفادة الفعّالة منها، كما تم تنفيذ مجموعة من المشروعات الرئيسية في مجال تحسين الخطوط الهوائية ومحطات المحولات بتقنيات عالية على مستوى الجمهورية.
بالتوازي، شهدت مشروعات توزيع الكهرباء في مصر ازدهارًا استثماريًا ملحوظًا، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات للمشروعات الحالية والمستقبلية حوالي 190 مليار جنيه، تم تعزيز هذا النجاح بتوسيع نطاق لوحات التوزيع، حيث وصلت إلى حوالي 4117 لوحة، وتم تعزيز قدرات التوزيع بتركيب حوالي 216 ألف محول ذو جهد متوسط، بسعة إجمالية تصل إلى حوالي 96 ألف ميجافولت أمبير.
كما تم تعزيز الاستدامة في قطاع الكهرباء من خلال تطبيق تقنيات الطاقة المتجددة، وتنفيذ مشروعات كبيرة لتوليد الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية، مما ساهم في تنويع مصادر التوليد وتقليل اعتمادية مصر على الوقود الأحفوري، كما تم بناء مزارع رياح كبيرة في رأس غارب وغرب النوبارية، وتم تنفيذ محطة كهروضوئية عملاقة في بنبان.
وبلغت القدرات من طاقة الرياح 1630 ميجاوات، وبلغت القدرات من الطاقة الشمسية حوالي 1770 ميجاوات حيث تم إضافة حوالي 76 ميجاوات من تشغيل محطة شمسية بنظام الخلايا الفوتوفلطية بكوم أمبو قدرة 26 ميجاوات ومحطة شمسية بنظام الخلايا الفوتوفلطية بالزعفرانة قدرة 50 ميجاوات.
وتعمل وزارة الكهرباء على تنفيذ استراتيجية الطاقة حتى عام 2035، والتي تهدف إلى تحقيق توازن بين مصادر الطاقة المتجددة والأخرى التقليدية، وتعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق التحول نحو اقتصاد صديق للبيئة، وتأتي هذه الخطوة في إطار التزام مصر بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعتبر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر من أهم الأسس لتحقيق هذا الهدف، حيث تعتمد على مصادر طبيعية متجددة ولا تسبب انبعاثات ضارة للبيئة.
ومن المتوقع أن تساهم هذه الإستراتيجية في تحقيق تحول كبير في قطاع الطاقة بمصر، حيث ستزيد نسبة الطاقة المتجددة في مزيج القدرات الكهربائية إلى 42% بحلول عام 2035، وجاري العمل على تحديث الإستراتيجية لتشمل أيضًا الهيدروجين الأخضر كجزء أساسي من مصادر الطاقة المستدامة في البلاد.
وتعكس هذه الخطوة التزام مصر بمواكبة التطورات العالمية في مجال الطاقة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، فمن خلال تنفيذ هذه الإستراتيجية واعتماد مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، ستعود على مصر فوائد اقتصادية وبيئية عديدة، بما في ذلك توفير فرص عمل جديدة وتقليل الانبعاثات الضارة للغازات الدفيئة.
في الوقت نفسه، تعمل مصر على تعزيز مكانتها كمركز إقليمي لتبادل الطاقة بين دول الجوار، وذلك من خلال دعم مشروعات الربط الكهربائي القائمة مع الأردن وليبيا والسودان، إضافة إلى مشروع الربط الجاري تنفيذه مع المملكة العربية السعودية ومشروعات أخرى قيد الدراسة مع قبرص، والهيئة الخليجية للربط، وجمهورية اليونان، وجمهورية إيطاليا.
تم توقيع اتفاقية إطارية مع الأردن لتعزيز قدرات الربط الكهربائي وتجري حاليا دراسة جدوى فنية واقتصادية لرفع السعة الحالية لخط الربط، مما سيتيح تبادل طاقة تصل إلى 2000 ميجاوات بدلًا من 550 ميجاوات على الجهد 500 كيلوفولت، أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فيسير مشروع الربط الكهربائي وفق الخطة المرسومة.
وأظهرت الدراسة الفنية حول رفع القدرة المنقلة إلى الجانب الليبي إمكانية زيادتها من 240 ميجاوات على جهد 220 كيلوفولت إلى 2000 ميجاوات على جهد 500 كيلوفولت، وهو ما سيعزز التعاون في مجال الطاقة بين البلدين.
وفي إطار مشروع العدادات الذكية ومسبوقة الدفع، تم تركيب حوالي 213 ألف عداد ذكي في نطاق ست شركات توزيع كهرباء، ويهدف المشروع إلى استبدال جميع العدادات القديمة في شبكة الكهرباء بعدادات ذكية أو مسبوقة الدفع، وبالإضافة إلى ذلك، يجري إنشاء شبكات الاتصال ومراكز البيانات المتعلقة بهذه العدادات خلال العشر سنوات القادمة.
وتم حتى الآن تم تركيب حوالي 15 مليون عداد مسبوق الدفع في شركات توزيع الكهرباء، وتستهدف هذه الجهود تحقيق تحسن كبير في نظام القراءة والفوترة للعدادات، بالإضافة إلى تعزيز فعالية استخدام الطاقة وتحسين خدمات التوزيع للمستخدمين.
ومع تطور التكنولوجيا وتبني العدادات الذكية والمسبوقة الدفع، من المتوقع أن يتم تحسين إدارة الطاقة وتحقيق توفير في استهلاك الكهرباء، إضافة إلى تقديم خيارات دفع مرنة ومريحة للمستخدمين، ويعكس هذا المشروع التزام الحكومة بتحقيق التحول الرقمي في قطاع الكهرباء وتعزيز الكفاءة والاستدامة في النظام الكهربائي.
وأسفرت جهود وزارة الكهرباء بمختلف قطاعاتها في تحقيق رؤية مصر المستقبلية لقطاع الطاقة، والتي ترتكز على تحسين كفاءة الطاقة، والحرص على تنوع مصادر الطاقة.
صحيفة الدستور