رأي ومقالات

خاطرة :إدارة الإلهاء وصناعة المسخ: (حاجة كدا فى كوره)

لا تحسبوا عبارة (حاجة كدا فى كوره وبيكبوا حولها الملاح) هى قول عارض وحالة (تقمص) لدور ما ، بالعكس ، هى فعل مخدوم بدقة وإحترافية ، ضمن سياق عام ، لتمييع النجومية وتسطيح الراي العام وتجهيل الناس ضمن سياسات (السواقة بالخلاء) و (زيادة عدد الرعاع) و الغوغاء.. إنها صناعة المسخ..

كانت معايير الناس فى النجوم عالية ، فى ثقافتهم وملكاتهم ومعارفهم وسلوكهم ، اغلب ساسة الوطن جاءوا من ساحة المثقفين والادباء ، كان محمد احمد محجوب ومبارك زروق واشهر أساتذة الرياضيات الأزهرى ، كانوا نخبة ، وتلاهم جيل بقدرات فكرية عالية ، د.حسن عبدالله الترابي والامام الصادق المهدي والشريف حسين الهندي وعبدالخالق محجوب وزين العابدين الهندي وعبدالله زكريا واسماعيل الحاج موسى وغيرهم ، كانوا مناورات فكر وثقافة..
ثم تراجعت الحياة السياسية والمجتمعية حتى رضينا بصلاح مناع وود الفكى وخالد عمر ونحوهم ، افتقدنا العمق والاصالة والقدرات الذهنية والحضور الوطنى ..

واصبح الآلاف يستقون معلوماتهم من (نكرات) معرفية ، كانوا مثل الهمبول ، يهشون مع كل هبة ريح..

ثم هذا زمان آخر أكثر بؤسا مما مضى ، تجاوز تسليح البشر ، إلى تسليع القيم الثقافية والإجتماعية..

هل تتصور أن شخصا ما يستخدم كلمة (كوره) بدلا عن صحن و (ملاح) بدلا عن إيدام ، عاجز عن معرفة كلمة (عصيدة) وهى سائدة دون الاخريات فى المحيط العربي والافريقي وفى غالب الثقافات المحلية.. ؟ إنها طريقة للإلهاء بصناعة تابلوهات وتحريك قطع الشطرنج.. ولكن المعاناة ولدت عند الشعب مناعة ضد الغثاء..

لا تنساقوا خلف كل صياح وهرج ، علينا أن نوطن أنفسنا على مسارات حسن القصد وطيب النفس وعذب الحديث..

د.ابراهيم الصديق على
28 مارس 2024م