رأي ومقالات

أشعرُ بآلام أهلِ السودان قاطبةً كلما تأملتُ حالهم المتفاوت في هذا البلاء العظيم

أشعرُ بآلام أهلِ السودان قاطبةً كلما تأملتُ حالهم المتفاوت في هذا البلاء العظيم فهذا الشعب الأبّي يستحق أن يحيى بكرامةٍ وعزةٍ ودِعة، ولكن يكون الألم أشدّه حينما تصفعني حقيقةٌ أنّ هذا الوطن الذي حرِصَ عليه والدي #الشيخ_الزبير وكرّس له حياته ومماته قد تسرّب من بين يدي أبنائه، وأصبح يُباع ويُشترى في أسواقِ ومؤتمرات النِخاسة بثمنٍ بخسٍ من أُناسٍ يُحسبون على الوطن وماهم منه.. فهم لم يعرفوا قدّره ولم يفهموا رسمّه ولم يألفوا شعبه ولم يرفعوا راياته ولم تتشقق أقدامهم لجهادٍ في سبيله!.

وبالمقابل، يُقال قديماً إنّ خيرَ من يدافع عن الأوطانِ هم أبناؤها، ولعمري ما رأيتُ إبناً باراً بوطنه كوالدي الشيخ الشهيد السعيد #الزبير_أحمد_الحسن.. أحبَّ وطنه صبياً صغيراً، ونفعه شاباً فتياَ، وفداه شيخاً كهلاً و أنشأ في أبناءه أن أي بلاءٍ دون الدين والأوطان عافية! . 🧡

فما فتئ الزُبيرُ يَسعىٰ ليُعلي هَامَ هذا الوطن في كل حركاته وسكناته مستنداً على كتاب الله وسنة رسوله ولم يَدّخر لذلك جهداً أو وقتاً أو مالاً، يُلبي نداء الوطن في التربيّة و التنميّة، في الدّين و السياسة، في الداخل والخارج على سطح البسيطة وحتى في غياهب السجون.
حمى جبهة الوطن الداخلية فساهم في تقوية اقتصاده ودعم بالشريعة السْمحاء قواعده وكان عوناً للغني والفقر من أبنائه وألّف وأصلح بين مكوناته، وحمى جبهته الخارجية فعادى من عاداه و والى من والاه ووقف سداً منيعاً ضد العواصف التي عصفت به لا يريد جزاءً ولا شُكوراً، وعندما بدأت زوابعه وعواصفه من الداخل، انحنى لها انحناءة الحكيم الصبور حتي تمُرَ بسلامٍ وأمان، مستعيناً بحبه لهذا الوطن رغم إدراكه أنّ هذه الانحناءة لا استقامة لظهره بعدها فدخل السجن فداءً له، وكأنّي به يُردد:
ما نال مرتبةَ الخلودِ بغيرِ تَضْحيةٍ رضيَّة..
عاشت نفوسٌ في سبيلِ بلادِها ذهبت ضحيَّة.. 💚

كان #الزُبير يعرف كيف يبدأ طريقه وأين يتجه وكيف ينتهي وبمَ يستعين.. لذلك كان قليل الجَزع من الدهر ونوائبه، صبوراً على الطعنات التي وُجهتْ لصدره، تحمّل من صنوف البلاء في سبيله ما الله به عليم وآخرها سجنه ظُلماً وجوراً وسباً وقذفاً فلم يزده البلاء الإ سماحةً في الطّبع، وحِلماً في التصرف، ورِقّةً في القلب، وسخاءً في اليد، وعِفّة في اللسان، وزُهداً في الدنيا، ورغبة في الاخرة، وتقرباً الى الله حتى ارتقى الى ربه وهو يتلو القرآن.🌹 وكأنّ لسان حاله يقول:
وما السجن الا ظِلُ بيتٍ سَكنتُه، أُرفّهُ في أفيائِهِ وأُنعّمُ
فكم من طليقٍ أوثقَ الذُّلُ نفسه وآخرُ مأسورٌ يُعزُّ ويُكرَمُ

تعلمتُ في ذكراه #الثالثة هذا العام أنّ نوائب الدهرِ تدور وأنّ الله يُمهل ولا يُهمل وأنّ سنة الإمهال للظالمين شافيةً لقلوب المظلومين مهما اشتدّ البلاءُ واستطال وأنَّ في كلِ بلاءٍ عافية.
فهاهم الذين ملأوا الأرجاء ضجيجاً وسعوا بكل نجاسةٍ أن تعلو بخضوع هامةَ الوطن مكانتهم الوضيعة، وأن يملأوا بفقر أبنائه جيوبهم المُعارة، و تنتشي بخراب أرضه عقولهم القاصرة، وأن يخدموا بسقوطه وذُلّه أطماعَ أراذل ساداتهم، قد سُجنوا بدون أصفاد، وطردوا من الوطن بدون متاع ونُبذوا من شُعوبهم بدون محامِد وضاقت عليهم الأرضُ بما رَحُبت. وما زال الوطن شامخاً يتعافى بتماسك شعبه وتضحيات أبنائه وجنوده.

رَحمكَ الله أبي وشيخي ومُعلمي وقائدي وفخري وحِصني، رضي الله عنك وتقبل جهادك وخدمتك لهذه الأرض الطيبة، عِشتَ عفيفاً كريماً ورحلتْ شامخاً عزيزاً. 💚
وصبرٌ جميلٌ والله المستعان على ما يصفون!
يا ظلامَ السّـجنِ خَيِّمْ إنّنا نَهْـوَى الظـلامَا
ليسَ بعدَ الليل إلا فجـرُ مجـدٍ يتَسَامى
أيها الحراس رِفـقـاً واسمَعوا مِنّا الكَلاما
مـتّعُـونا بِـهَـواءٍ منعُـهُ كَـانَ حَرَاما
لـسـتُ والله نَسـيّاً ما تقاسِـيه بِـلادِي
فاشْـهَدَنْ يا نَجمُ إنّي ذو وفــاءٍ وَوِدادِ
يا رنينَ القـيدِ زِدْني نغمةً تُشـجي فُؤادي
إنَّ في صَـوتِكَ مَعنى للأسـى والاضطهادِ
لم أكن يومًا أثيمًا لم أخن يومًا نظاما
إنما حبّ بلادي في فؤادي قد أقاما
#الثامن_عشر_من_رمضان
#رحيل_المُربي_الثاني 💔
3 أعوامٍ على غياب النور ⛅

م. آلاء عوض عمر