المقارنات الخرقاء بين الدعم السريع والمهدية 1881م – 1899م
المقارنات الخرقاء بين الدعم السريع والمهدية 1881م – 1899م …
الاستدعاءات الخرقاء الجوفاء التي يقوم بها بعض إعلاميي الدعم السريع بين معارك قواتهم في هذه الحرب والثورة المهدية تعتمد فقط على التشارك في بعض مكونات القبائل العربية الدارفورية التي مثلت ركيزة هامة في جيوش المهدية.
ولكن المهدية تتميز عن الدعم السريع في أمرين جوهريين مبدأيين :
أولا : التراث الديني والفكري للمهدية شمالية نيلية.
ثانيا : المهدية رفضت أية دعم خارجي من بدايتها حتى نهايتها كدولة.
ونفصل قليلا :
أولا :
التراث الديني والفكري لمحمد أحمد المهدي نيلي شمالي ، بدءا من جزيرة لبب التي ولد فيها مرورا بالمشايخ الذين تلقى عليهم علومه الدينية في بربر وكرري والحلاوين وهؤلاء الأخيرين تزوج منهم ومن زوجته منهم إبنه علي المهدي ولو كان الدعم السريع يحترم فقط هذه الجزئية لما قاست قرى الحلاوين الأمرين من إنتهاكات وسلب ونهب وتهجير.
بل أن التعارف الأول بين عبد الله بن السيد (الخليفة عبد الله لاحقا) كان في الحلاوين.
بعد الموقعة الأولى في الجزيرة أبا وهجرة المهدي إلى جبل قدير 80 كلم غرب فشودة كان اعتماده في هذه المرحلة على المقاتلين من الوسط وفي جبل قدير بدأ دخول النوبة المسلمين ، وبعد انتصاره على يوسف الشلالي بدأ توافد قبائل الغرب ، وكان التوافد الأكبر بعد الانتصار في معركة شيكان نوفمبر 1883م وكان أهم قياداتها المخططة والمنفذة من الوسط والشمال ، محمد عثمان أبو قرجة من منطقة القطينة وأسرته قدمت من مناطق المحس من الشمال وأنسابهم خزرجية ، وعبد الرحمن النجومي وكان من الجعليين ولو كان المقام مقام فخر بالقبائل لكفى الجعليين صمود ولاء عبد الرحمن النجومي للفكرة برغم المعاملة الجافة القاسية من قيادة الدولة حتى سقط شهيدا في توشكي 1889م وكانت عبارة عن مواجهة مأساوية لجيش تخذله قيادة الدولة ويصر مع ذلك قائده ود النجومي على عدم التراجع أو المسالمة وكانت بإمكانه وعرضت عليه مرارا وتكرارا.
الغرب ودارفور لم يضيفا شيئا للمهدي لا من ناحية العلم ولا الفكر ولا الثقافة ، جاءهم جاهزا واللغة الأدبية لمنشوراته ورسائله كلها شمالية وسطية وتكفيك منها عبارات مثل … الحبيب .. أيها الأحباب.
ثانيا :
ظلت المهدية ترفض بشدة أية دعم من قوى غير مسلمة ، وبعد شيكان 1883م وصل في 15 أغسطس 1884م للأبيض فرنسي يدعى أوليفر بين Olivier Pain وقابل المهدي والخليفة وحاول أن يقنعهم بتعاطف فرنسا وفشل برغم إظهاره الاسلام وتعاملوا معه بكل برود ومات لاحقا خلال المسيرة للخرطوم في7 أكتوبر 1884م بين شات والدويم وأعترف للأوروبيين حوله أنه مجرد صحافي باحث عن الشهرة.
وبعد معركة عطبرة في 8 ابريل 1898م عرض منليك الحبشة على الخليفة عبد الله أن يقبل برفع راية فرنسا وكان هذا معناه أنه يضع نفسه ودولته تحت الحماية الفرنسية ولو تم ذلك لوضع جيش الغزو وخلفه بريطانيا في موقف حرج وكان منليك الحبشة أحد الذين حاولوا إقناعه برفع راية فرنسا ومن داخل دائرته الضيقة كان شيخ الدين مقتنعا بذلك وحاول إقناع والده ولكن هيهات.
ولم يتوقف الأمر على رفض حماية فرنسا بل هاجمت قوات الدولة في 25 أغسطس 1898م طابور مارشاند الفرنسي الذي كان قد وصل وارتكز في فشودة وكان الهجوم كان بالباخرة الصافية التي عادت ووصلت أم درمان وقد سيطر عليها كتشنر ومن قبطان الباخرة تأكد كتشنر من وصول الفرنسيين إلى فشودة.
ولو كان الخليفة عبد الله قد قبل الحماية الفرنسية لسقط كل الأساس الديني والفكري الذي تأسست عليه الدولة والدعوة ولتبخرت الدعاوى.
اليوم في حرب 2023 – 2024م يتم استدعاء تاريخي دجال وزائف متلصق بالمهدية بمختلف الذرائع والأحابيل وكل ذلك بهدف التحريض والتحشيد فهل قادة الدعم السريع وإعلامييه وسياسييه رفضوا الدعم الخارجي مثل قيادات المهدية ؟! كلا بل هم به يفرحون ويفاخرون ، وهل لهم مشروع ديني وفكري ورؤية مثل المهدي سوى تلك العبارات الفضفاضة التي يلوكون : دولة 56 ، الفلول ، الديموقراطية … وهلمجرا.
وبعض فإن بعض ممن يقرأ مثل هذه المقالات قد يظن إنتماء كاتبها لطائفة الأنصار التي كانت ولا تزال تؤمن بمهدية محمد أحمد ، ولست من هؤلاء ولكن هذه زاوية محدودة لا يجب حصر النظر لمجمل تاريخ المهدية من خلالها ، وبالله التوفيق.
#كمال_حامد 👓