رأي ومقالات

🔴 إن كنت في السودان تعاني فأنت في نعمة

□ اذكر هذه الصورة جيداً..
التقطتها ذاتيا، وارسلتها لزوجتي لاظهر لها تذمري الشديد من مكوثي في صف بنزين لمدة نصف يوم، وذلك فقط في انتظار وصول التنكر..

□ كنت اتصبب عرقاً، غير قادر على العودة إلى المنزل لارتاح وارجع مرة أخرى او تشغيل التكييف وقد كان النهار قائظاً، لأن البنزين المتبقى لا يكفي سوى للوصول إلى المسدس..
□ اذكر مشاعري وقتها جيداً، ولأكن صادقاً مع نفسي لم أكن استشعر وقتها أنني في نعمة كبيرة، كانت مشاعر الحنق والاحساس بالغضب تسيطر علي ولعن الواقع كان لسان حالي إن لم يكن لسان مقالي..

□ كنت اتأمل نقصي فقط، لم أدرك بحق وعمق قيمة ما امتلكه، كنت حانقاً مع أنني سوف أملأ عربتي ببنزين طال الزمن ام قصر، كنت حانقاً وانا أملك ثمنه وبل وأنا أملك سيارة..
□ كنت حانقاً وانا لدي منزل سأعود إليه وارتاح فيه من تعب في الصف، سوف ينقضي طال الزمن ام قصر.. كنت مركزاً فقط على ما ينقصني لا على ما امتلكه..
□ بأمانة لم أعظم تلك النعم ولم اقدرها حق قدرها..

فالآن لا أملك تلك السيارة ولا ذلك المنزل ولا حتى ذلك الوطن الذي كنت ألعنه سراً وجهراً..
□ كنت لا افرق بين انتقاد الظروف وإنكار النعم، بل احيانا كنا جميعا نقع في فخ تبخيس النعم، لتبيان الغضب على الأوضاع السياسية، كان التقليل من شأن الخصم السياسي يتطلب منا تقليلاً من شأن الخالق والنعمة بصورة مباشرة او غير مباشرة.. او فلنقل كان بينهما شعرة، قطعناها دون ان ندرك..

□ الآن الآن، بت أدرك أنني اتقلب في نعم عظيمة وجليلة مهما كان وضعي الحالي وواقعي الآني..
انت الآن في نعم اشكرها حتى لا تفقدها.. فالنعم إذا ما انفلتت نادراً ما تعود..

□ فإن كنت في السودان تعاني فأنت في نعمة، وان كنت في المعابر تعاني فأنت في نعمة، وانت كنت في مهجرك الاضطراري تعاني فأنت في نعمة، وان كنت قد فقدت عزيز فأنت في نعمة، وان كنت قد تفرقت بك السبل عن من تحب فأنت في نعمة..
□ فقط توقف واستشعرها وانظر إلى من هو أدنى منك تدركها..

□ فالفقد درجات والمعاناة درجات، والمنح في طي المحن والنعم في طي النقم..
□ فـ”النعم متوحشة، قيدوها بالحمد” – الإمام علي كرم الله وجهه..
○ الحمد لله حمداً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه…

○ كتب: أ. عثمان عبد الحليم