رأي ومقالات

عادل الباز: الخارجية تُكذّب… لماذا؟

1 كنت قد ظننت أنه بعد اتخاذ الدولة لقرارات تنم عن مواقف قوية تجاه الظلم الذي تتعرض له البلاد من جراء الموقف الأفريقي والعربي والعالمي وذلك بالخروج من الإيقاد بعد تآمرها مع الجنجويد، وكذلك اتخذت موقفاً قوياً من الاتحاد الأفريقي حين طرح ماعرف بخطة الآلية الموسعة وكان موقفها الأبرز عندما رفضت التجديد لفولكر وطردت البعثة الأممية، كذلك تلك المواقف التي وقفتها مؤخراً ضد تدخلات دولة الإمارات في الشأن السوداني، بناء على تلك المواقف اعتقدت أن عهد الخنوع والإملاءات والخوف من بعبع ما يسمى بالمجتمع الدولي المتآمر والوهمي قد ولى، ولكن للأسف الخارجية تذكرنا بأنها لازالت تحت الوصاية وأن كل خطواتها مرتجفة وأبرز دليل على ذلك هو ما جرى بالأمس.
2
القصة إن هذه الصحيفة قد نشرت خبراً مفاده أن الحكومة السودانية رفضت منح تأشيرة دخول للمبعوث الأمريكي توم بييرلو بسبب الاشتراطات التي وضعها وهي كلها تمس سيادة البلد كما جاءت في عدد الأمس.
ماذا فعلت الخارجية؟ أصدرت بياناً مضمونه تكذيب لخبر الأحداث؟ السؤال طرحه عليّ بالامس بعض الأصدقاء من الخارجية وهو لماذا اعتبرت أن بيان الخارجية تكذيب لخبر الأحداث ولم تعتبره توضيحاً من جانب الخارجية؟ قلت ذلك لأن التصريحات التي أدلى بها المبعوث الأمريكي بكمبالا مرت عليها أكثر من عشرين ساعة والخارجية صامتة ولم تسارع بإصدار بيان إلا بعد أن صدرت صحيفة الأحداث بخبرها الذي يحمل اشتراطات المبعوث ورفض الحكومة لها. فماذا يعني ذلك؟ يعني أن جهة ما عُليا أو دنيا ترتجف من ردة فعل أمريكا قد أوعزت للخارجية بإصدار بيان النفي الملتبس. ولذا قلت أن الخارجية التي أصدرت بياناً أمس كذبت فيه خبر الأحداث كشفت عن عدم نزاهتها المهنية

لأنها تعلم أن الخبر صحيح ولكنها قصدت ضرب مصداقية صحيفة الأحداث التي هي رأسمالها وقلت إن طلب المبعوث الأمريكي لم يقدم للخارجية ولكن قُدم للرئاسة والأجهزة الأخرى وهي التي رفضت الاشتراطات التي وضعها المبعوث أمام الحكومة.. ولذا جاء الخبر دقيقاً حين أشار إلى أن الحكومة هي التي رفضت وليس الخارجية وكما قال المبعوث إن طلبه قد رفض من “حكومة السودان” ولم يذكر الخارجية، إلا تكون الخارجية تمثل كل أجهزة “الحكومة السودانية” منوهاً أن الخارجية في كثير من القضايا المرتبطة بالشأن الخارجي كان آخر من يعلم مذكراً بلقاء الرئيس البرهان بنتنياهو في عنتيبي.
3
وأشرت إلى أنه منذ تأسيس صحيفة الأحداث في العام 2007 لم تنشر أخباراً كاذبة ومفبركة بلا مصادر، وعرفت الصحيفة زهاء العشرين عاما بمصداقيتها واستقامتها المهنية ونؤكد أن الخبر الذي نشرته صحيح في كل تفاصيله وتحتفظ الصحيفة بمستنداته ومعلوماته التي استقتها من مصدر موثوق ومطلع من داخل الحكومة ومن ثم ندعو الخارجية إلى الذهاب للمحكمة وهي المكان الوحيد الذي يمكن أن تكشف فيه الصحيفة عن مصدرها.
4
السؤال لماذا فعلت الخارجية ما فعلت.؟. على الخارجية أن تجيب عن السؤال أو أن تسأل الجهة التي أمرتها بذلك وليس للأحداث أى عداء مع الخارجية وأجهزة الدولة حتى تلفق الأخبار وتحكي قصص من خيالها، الأحداث هي التي وقفت مدافعة عن الخارجية حين تغولت عليها لجنة التمكين وشردت كوادرها المؤهلة وكشفت تآمر اللجنة حتى أحق القضاء العادل الحق بإرجاع كل المفصولين إلى مواقعهم. ولذا توقعت الأحداث من الخارجية تعامل أفضل من ضرب مصداقية صحيفة وقفت معها أيام محنتها ولكن يبدو أن الخارجية وأهلها لايذكرون ولا يضعون لذلك اعتباراً.
3
كل ذلك يهون ويمكن أن يمر ولكن ما أخشاه أن تعود الخارجية والحكومة للرضوخ للضغوط الخارجية فتركع لشروط الخارج لتفرض على البلاد سياسات وقرارات مهينة لكرامة السودانيين التي لم يتبق لهم غيرها. لكم سعدنا بخبر رفض شروط المبعوث لأنها مهينة فإذا بالخارجية تفسد علينا فرحتنا لتقول لنا إنها لم ترفض لأن المبعوث لم يقدم لها طلباً وهي تعلم الحقيقة، وتعلم أنها تكذب.. انتهت الحكاية وربنا يكضب الشينة.

عادل الباز