خيار وفقوس .. التعليم تفوق كسر رقبة
تفوق كسر رقبة
حكت لي قريبة عزيزة، عن حالة الارهاق والضغط الذي تعيشه ابنتها المتفوقة والتي ستجلس ان شاء الله تعالى مع ابنائنا الطلاب لامتحان مرحلة الاساس في الايام المقبلة .. الحالة التي تعيشها الابنة ليس بسبب خوفها من الامتحانات التي تدق على الأبواب، ولا من نقص استعدادها لخوض معركتها، ولكن بسبب الضغط الذي تمارسه ادارة المدرسة على مجموعة المتفوقين الذين تختارهم (نقاوة) .. تجمعهم من اوائل الفصول وتضيف عليهم من تستطيع ان تجلبهم بالاغراءات من بقية المدارس، ثم تضعهم في معسكر صارم للمذاكرة لساعات طويلة انهكت ابدان العيال واذهانهم، بالاضافة لامتحانات يومية ومن ينقص عن الدرجات الكاملة فيها يتعرض لـ عشرين جلدة مقابل كل نصف درجة ينقصها من المجموع الكامل ..
أخبرتني صديقتي عن حيرتها من سكوت بقية اولياء أمور الطلبة في بقية الفصول، الذين يعانون من التهميش والتدريس (الكشا مشا) .. لا مراجعات ولا تركيز ولا امتحانات دورية ولا يحزنون، مع انهم يدفعون للمدرسة نفس رسوم الدراسة والترحيل التي يدفعها اولياء الطلبة المتفوقين، ورغم ذلك يتم ذلك التمييز المخل بينهم في المعاملة من أجل ان تتم اذاعة المدرسة ضمن الاوائل، حتى ان بعض الاولياء يرضخ لان يجلس ابنه للامتحان (من منازلهم) ولا على كيفو او يأخذه ليمتحن من مدرسة ثانية، اذا لم يرق تحصيله لمستوى النجاح البارز، حتى لا ينقص نسبة النجاح التي يجب ان تحرزها المدرسة لتنال قصب السبق ..
سبحان الله، كحالنا دائما ما تهزم النوايا الحسنة بالضربة القاضية من (الجوباك) وعدم المتابعة، لكل مشروع واعد كان يرجى منه الخير .. ففكرة تمييز المتفوقين بدأتها الوزارة ذات نفسيها عندما اختارت طائعة أن تمارس الخيار والفقوس بين بنيها الطلاب، فـ فرزت عيشة المتفوقين منهم في مدارس للعناية المكثفة سمتها النموذجيات ..
وقتها كانت النية حسنة وهي الانتباه لـ المتميزين والنابغين من الطلاب ورعايتهم بصورة خاصة كما تفعل الأمم المتحضرة من أجل ان تصنع منهم علماء وقادة وبناة المستقبل .. دي فكرة طيبة، ولكن بسببها باظ التعليم الحكومي وانهار من ساسه، وذلك لأن المسئولين ركزوا على تلك المدارس فقط، وتركوا بقية المدارس الحكومية لـ الجوباك والاهمال والتسيب المريع، واذا مشى طاوؤس وزارة التربية يوما باختيال فلابد ان يقلده في المشية بنوه في المدارس الخاصة، فقد امتد التأثير السيء لتنفيذ الفكرة الى المدارس الخاصة، التي هرب اليها الناس اصلا – من سوء اوضاع مدارس الحكومة، فوجدوها تمارس تميزا ابشع من ذاك الذي هربوا منه، على طريقة (ما أسوء من سيدي إلا ستي) ..
المفارقة انه في نفس الجلسة التي كانت تحكي لي فيها قريبتي عن اضطرارها للذهاب للمدرسة، لتحويل ابنتها من الفصل (أ) المسبوغ بدماء الممحوطين، للفصل درجة تانية (ب) هربا من التفوق (أب دق) الذي لا تتحمله بنية البنية الضعيفة .. حكت لنا قريبة لنا كانت تعمل معلمة في السعودية لسنوات طويلة، كيف ان الوضع هناك معكوسا تماما .. فمن يميز في المدارس هناك هم الطلاب الأقل تحصيلا، ومن يكثف الاهتمام به هو من يحتاج الى الاعانة فعلا، حتى ان موجهي ومفتشي الوزارة عندما يأتون لمتابعة الحصص – وقد كانت تدرس اللغة العربية – كانوا يسألونها عن طالباتها المتعسرات في الدراسة .. عددهم وماذا فعلت لتحسين تحصيلهم بل ويقوم المفتش بجمع كراسات (الطيشة) ليتفقد طريقة متابعتها لهم !!
حسنا يا جماعة بما انه لا يصح الا الصحيح فلابد للعودة بالتعليم لمربعة الأول قبل أن يصيبه سهم العشكبة الذي طاله في السنوات السابقة .. لابد من نقطة بداية لوقف التدهور ومن ثم اعادة تحريك العجلة للأمام، فقد جاء في الصحف خبر يفيد بأن وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم، أصدرت حزمة قرارات بتحديد مواصفات المدارس داخل الولاية، وتشكيل لجنة تضع شروطاً للمدارس الأجنبية ومراجعة المدارس القائمة، كما شملت القرارات تحديد مدة عمل المدير والوكيل والمعلم بأي من المدارس.
وأصدر وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم، جملة من القرارات لضبط وتنظيم التعليم والبيئة التعليمية بولاية الخرطوم، وقضى أحدها بتحديد مواصفات مباني المدارس والخريطة المدرسية، بأن تلزم المدارس الحكومية والخاصة بمواصفات المدرسة التي تضعها الإدارة الهندسية بالوزارة.
ووفقاً للقرار، تشمل خريطة أي مدرسة إلى جانب السور والفصول والمكاتب والمعامل ودورات المياه، مسرحاً وملعب كرة طائرة ومكتبة ومصلى ومشتل، وأن تعتمد خرط المدارس الحكومية والخاصة، من الإدارة الهندسية بالوزارة، على أن تتم متابعة إنشاء واستلام المدرسة الحكومية بواسطة الإدارة الهندسية بالوزارة.
حسنا تاني وأخيرة يا جماعة نوجهها للوزارة .. قالوا السواي مو حداث
[/JUSTIFY]
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]
الاخت الكاتبة مني سلمان – بعد التحية – نحرص علي متابعة كتاباتك في المقالات – لكن تلاحظ مؤخرا الغوص في العميق من حيث المفردات اللغوية صعبة الفهم والتي تحتاج لشرح في الفهرس او بين القوسين لعدم حوزتنا للمعاجم اللغوية – وعلي سبيل المثال الفعل ( عشكب ) و ( جوبك ) ويبدو انك متخصصة السن ولغات – مع الشكر المقدم