أهمية دخول مدينة النهود من وجهة نظر الدعم السريع

تأتي أهمية دخول مدينة النهود من وجهة نظر الدعم السريع أنه الإنتصار العسكري الأول الذي تحققه المليشيا بعد شهور طويلة من الهزائم المتكررة و المدوية منذ طرد المليشيا من جبل موية في أكتوبر ٢٠٢٤ ، حيث فقدت المليشيا بعدها مساحات واسعة من وسط السودان و العاصمة و شمال كردفان . و تمددت قوات الجيش داخل أرضي كانت تسيطر عليها المليشيا في كردفان و رفعت الحصار عن مدن محورية مثل الأبيض و هي العاصمة التاريخية لكردفان الكبرى.
سوى الدفعة المعنوية التي قد تمثلها مدينة النهود لمقاتلي المليشيا الذي يأمل أن تكون قطعا لسلسة انتصارات الجيش و إصلاحا للميزان العسكري المالى لصالحه ، يمثل دخول المدينة نداءً لعناصر “الشفشفة” و مقاتلي الغنيمة الذين انفض كثير منهم من صفوف المليشيا عندما استحالت الحرب إلى معارك خارج المدن لا مكان فيها لنهب أهل المدن و تجنيد المقاتلين على هذا الهدف.
معركة النهود كشفت أن القوة الأساسية القادرة على خوض المعارك الكبيرة هي قوات المليشيا المحاصرة لمدينة الفاشر ، و هي القوات التي تتحرك شمالاً نحو المالحة أو شرقاً نحو النهود ، و هي أقوى و آخر تشكيل عسكري للمليشيا تحت قيادة عبد الرحيم دقلو نفسه بينما تفتقر قوات المليشيا الأخرى لأي تنظيم و تجهيزات مماثلة. و أن أي معركة كبيرة في كردفان يعني بالضرورة خلو دارفور من هذه القوات ،
كما يكشف أن المليشيا ما زالت وحيدة في خوض معاركها و أن التحالف الشكلي مع قوات أخرى كالحلو بقي طي الإتفاقيات ، فلم تشارك قوات الحلو في معارك الفاشر ، و لا حتى داخل أراضي كردفان في معركة إسقاط النهود ، بل ربما تحمل صور النهب الواسع و قتل المدنيين داخل النهود مزيداً من الإحراج للقائد اليساري عبد العزيز الحلو الذي لا يريد الإرتباط بتحالف لا يراعي أدنى حقوق للمدنيين في مناطق الإشتباكات.
مدينة النهود هي مركز ثقل قبلي تختلف عن مدن الوسط مثل مدني و سنجة مثلاً التي لا تدافع عنها القبائل . فالنهود كانت تحميها قبائل المنطقة و هي تتفهم طريقة عمل المليشيات و قادرة على التعامل بأساليب المليشيا و حركتها السريعة أكثر من الجيش و تشكيلاته. و من المتوقع أن تكون مركزاً للقتال المتواصل و إمتحاناً لقدرة المليشيا على فتح جبهات متعددة داخل كردفان و في شمال دارفور ، إذ أن تكتيكات الهجوم الخاطف و الحصار من الخارج الذي تجيدهما المليشيا يختلف عن السيطرة على المدن و محاولة البقاء فيها كما رأينا هزيمتها السريعة في مدن العاصمة و الجزيرة.
أخيراً ، قدرة المليشيا على هذا الإختراق يكشف قدرة دولة الإمارات على مواصلة إمدادات السلاح النوعي و العربات المصفحة التي رآيناها في فيديوهات دخول المدينة ، و بالتالي يبقى تحدي قطع الإمدادات ضرورياً لكسر المليشيا في غرب السودان كما تم كسرها في وسطه و شماله.
د. عمار عباس






