هذا الكلام ردا على الذين يتهمون عمسيب باتهامات باطلة وادعاءات مضحكة.

في عام ٢٠١٦، كنا نجتمع أنا والصديق عبد الرحمن عمسيب وبعض الإخوة، لوضع سيناريوهات لورثة نظام الإنقاذ في حال سقوطه. كان يرى الصديق عمسيب أننا سنتحمل تكلفة السقوط، وأن أول من سيخرج في مظاهرة ضد النظام هم أولئك الذين ادّخرهم النظام ليكونوا ورثته. فقد وصفهم حينها ب”الهشين نفسياً والضعفاء تنظيميا والمتأثرين بلوبيات الناشطين والخاضعين لخطابهم”. وهذا بالفعل ما حدث. خرجت هذه المجموعة المرتبطة بدوائر النظام وبعض أبناء قياداته ضده، وتنكروا له بعد سقوطه، بينما تحملت التكلفة مجموعات أخرى..
على الرغم من أن عمسيب لم يكن من دوائر النظام، ولا من مؤسساته، ولا حتى جزءا من مشاريعه، إلا أنه كان يحمل وعياً كبيراً بالدولة، وبمخاطر سقوط نظامها دون وضع رؤية لانتقال السلطة إلى مجموعات تحفظ مصالح المجتمع. لم يكن راضياً عن سلوك الإنقاذ ولا منتفعاً من عطاياها، ولم يسع للتقرب من قيادتها. لكنه كان يعلم أن شروط السقوط قد اكتملت وكان يرى أن من الأفضل أن يعمل الناس على التحكم في ارتدادات السقوط وتلافي تداعي انفراط النظام..
سقطت الإنقاذ وتغيرت موازين القوى وصعدت قوى أخرى، وجاءت الحرب وتحدث عنها عمسيب وصدقت قراءاته..
أقول هذا الكلام ردا على الذين يتهمون عمسيب باتهامات باطلة وادعاءات مضحكة. فعمسيب رجل جريء، وجرأته هي “جراءة الأمل” بتعبير أوباما، الأمل الذي منحه عمسيب لمجتمعات صامتة، عبّر عنها بلسانه وأدار مخاوفها بلغة جديدة. نظرت إليه كمخلص، ونظر إليهم كمستضعفين يحتاجون إلى قيادة. وقد نجح في تحريك هذه الأغلبية الصامتة، ومنحها خطاباً ورؤية تخلصها من ثوب الابتزاز والعقدة التي لاحقتها لعقود طويلة..
عمسيب هو من تصدى لقذارة الآخرين نيابة عن الكثيرين. فهو “عامي عظيم”The Great Commoner ، يمثل صوت الناس العاديين المحرومين، في وجه نخب سياسية وجماعات فكرية رضيت بخطابات الابتزاز والانكسار التي مارستها جهات كثيرة عليهم. وإن كان ويليام براين الأمريكي هو “العامي العظيم” الذي مهدت أفكاره بصورة غير مباشرة لتيار “أمريكا أولاً”، فإن أفكار عمسيب ستمهد الطريق لتيارات جديدة في الوسط والشرق والشمال.
أخيراً يمكن الاتفاق أو الاختلاف مع عمسيب، والجدال معه حول أفكاره، والتشكيك في جدواها أو في ضعف أساسها النظري. ولكن لا يمكن تخوينه، ولا إطلاق اتهامات ساذجة تفتقر للأدلة. فالرجل يقرأ المشهد وتتحقق قراءاته وتتوافق تنبؤاته مع الأحداث. فأمام الذين يتهمونه ويعارضوه خياران: إما أن يأتوا بعكس ما يقوله ويقرنوه بالواقع، أو أن يعملوا على تغيير ما تنبأ هو به، وبالطبع هذا ما يرجوه هو وجماعته.
حسبو البيلي
#السودان






