رأي ومقالات

حكومة كامل .. حكومة السودان

ليس من خطة واضحة و ملامح ستقوم عليها حكومة الدكتور كامل إدريس غير مفاهيمه الشخصية من حياته و ممارساته و أحلامه و أمنياته، فقد بدأ عمله بتسمية حالمة للحكومة أنها حكومة (الأمل) و ذلك في حديث كأنه حملة إنتخابية لجذب الناخبين و ليس لحكومة تعمل في ظل أزمات و أوضاع معقدة .

هذه التسمية هي معنى مسمى كتابه (تقويم المسار و حلم المستقبل) الذي قرر هو بمفرده أن يكون هادي الحكومة و نهجها في العمل.

تظهر ملامح تأثر د. كامل بحياته الطويلة في الغرب في قرارين إستقاهما من تأريخ الولايات المتحدة، أولهما قراره بأن أي وزير لا يقدم منجزات واضحة خلال ثلاثة أشهر سيتم عزله و هذا تطبيق ما ابتدعه روزفلت كأساس لتقييم فترة الرئيس من المائة يوم الأولي من حكمه..

ومشروع مارشال الذي يريد فرضه علي الوزراء عنوان خطة أمريكية وضعت عام 1948 لمساعدة أوروبا في أزمتها الإقتصادية.

هل طبق الدكتور كامل القواعد التي قررها علي نفسه؟ فقد شارفت مهلة الثلاثة أشهر على الإنتهاء دون أن يكتمل تكوين الوزارة و ما صدر من قرارات و (توجيهات) في قضايا مهمة و كبيرة كانت من شخصه فقط و ليس من الحكومة.

بل لا تزال أهم وزارة سيادية هي الخارجية شاغرة و أيضاً أهم وزارة خدمية هي الصحة شاغرة و أهم وزارة إنتاج و صادر هي الثروة الحيوانية تنتظر أيضا من يقودها .

و لا تزال الحكومة تنتظر تعيين (لسان) ينطق بإسمها .

كما أن رئيس الوزراء يعمل من خلال مكتب لم يتم تعيينه وفقاً لما أعلنه من معايير بأن يكون الإختيار للوظائف العامة بإعلان عنها و تنافس مفتوح .

مَن هم مَن يديرون عمله و يرتبون شأنه ؟ و من هم من يشيرون عليه بإختيار الوزراء ؟

التقديرات الشخصية في هذا المنصب الخطير تخلق إشكالات أكثر من أن تعالجها، فقد إشتكي رئيس الحكومة من وجود طابور خامس في أجهزة الحكم، يشتكي و هو مَن بيده تعيين و فصل كل من يتولى الوظيفة العامة بمن فيهم الوزراء الذين حدد لهم مهلة للإنجاز .

إن حكومة تصدر لها المحددات و المهام دون أن تكون شريكاً في وضعها و مناقشتها لا تحتاج لأن ينشط الطابور الخامس وسطها فستفعل هي ذلك دون أن تتعبه.

و كيف سيعمل الوزراء و قد سلط عليهم سيف العزل و مبرراته و إتخاذه بيد شخص رئيس الوزراء.

كل هذا سيؤدي لحكومة لا يصلح وصفها بأنها حكومة مدنية أو ليبرالية أو حرة في عملها.

ما تمر به البلاد من حرب لم تنته بعد و آثارها ممتدة لا يصلح معه ما يمكن أن نتوقعه من أعمال و قرارات ليست محكمة و لا مدروسة و لا تتخذ وفق شورى و دراسات و مشاركة من الوزارات و المؤسسات.

إذا لم يتخلي الدكتور كامل إدريس عن هذا النهج في عمله فلن تعمر الحكومة كثيراً و سندخل في مرحلة أخرى مكررة نفقد فيها زمناً ليس بالهين، و الزمن في بلادنا يقاس بمواسم الزراعة ، و أحكام المناخ تضييع أيام منها يعني ضياع أموال و عائدات و هلاك مشروعات و انتشار بطالة .

نريد حكومة تصلح أن نسميها حكومة السودان و ليس حكومة كامل إدريس .

راشد عبد الرحيم