رأي ومقالات

أفعل الخير واتركه، وتأكد انه سيرتد اليك يوما ما !!

أفعل الخير واتركه، وتأكد انه سيرتد اليك يوما ما !!
عندما كنت طالبا في كلية الطب، كنا كعادة الطلاب في ذلك الزمن الجميل نحمل في يدنا ما يعيننا فقط على المواصلات ذهاب وايابا ووجبة الفطور والتي كانت غالبا (بوش) مع الاصحاب في الكلية، ألذ وجبة كنا نتناولها، ولم ادري سر لذتها، مع انها كانت مجرد موية فول وموية جبن وزيت ولا ندري هل كان زيتا ام هو ايضا كانت موية زيت؟!!، مع خبز يعد في طشت بلاستيكي صغير صنعت في الاساس لغسيل الملابس وليس ماعونا للاكل. اتذكر يوم امتحان البرمننت وما ادراك ما البرمننت، وصلت من بحري ذلك الصباح إلى موقف الشهداء ام درمان متاخرا عن المواعيد ولم يتبقى لزمن الامتحان الا ربع ساعة ومن الاستحالة ان تصل المدينة الجامعية بالفتيحاب وتدرك الامتحان بالمواصلات العامة، وتوكلت على الله وذهبت لصاحب (امجاد) بص صغير نقل أجرة، ولم يكن في جيبي الا اقل من ربع قيمة الامجاد وحكيت له قصتي، قال لي والابتسامة على محياه : يا زول اركب نوصلك سريع وربك كريم !! وصلت القاعة في المواعيد والدكتور يوزع في أوراق الامتحان، انزلني جوار القاعة واقسم بالله ان لا يأخذ مني شيئا، ودعا لي بالتوفيق، وأخذت معه في الحديث قليلا حتى احفظ وجهه جيدا، عسى ولعل أن اجده يوما ما، وارد له جميله، ورايته يغادر ويبتعد وانا أنظر اليه ممتنا له هذا الجميل الذي لن انساه، فالناس فيهم الخير الى قيام الساعة، مع مرور الزمن كنت افكر كثيرا عن موقف هذا الشاب وصورته لا تبارح ذهني حتى تخرجت واصبحت مديرا طبيا عاما في إحدى المستشفيات الكبيرة، وجاءني هذا الشاب وما زالت صورته في ذهني وحكيت له الموقف، فاخبرني انه كان فعلا يقود (امجاد) في فترة من الزمن ولكنه لم يتذكر موقفي على الاطلاق، فساعدته حسب ما يقتضيها سلطاتي، فشكرني كثيرا وذهب، فإن كان هو نفس الشخص فقد وفقت وأديت ولو جزء من جميله علي، وإن لم يكن هو المقصود، فإني على يقين بأن الله لن ينساه وسيجزيه خير الجزاء فهو الله أكرم الاكرمين.

د. عنتر حسن