زمااان كنت مخطوبة لي جارنا دكتور سافر السعودية عشان يكون نفسه ويرجع و نتزوج يوم ٩/ ٩/ ١٩٩٩ بحسب خطتنا الحالمة.
كان بيكتب لي جواب أسبوعي علي ورقة فلسكاب فيه كل تفاصيله اليومية بدقة ويرسله لي علي بوستة السجانة كل أربعاء… بمشي أستلم الجواب وأرسل الرد بتاع جواب الأسبوع الفات في نفس اليوم وهكذا.
الجوابات دي وقتها كانت وقود حياتي بمعني الكلمة… ويوم الأربعاء ده كان يوم مقدس وركيزة لباقي الأسبوع.
شاءت الأقدار أن تتفرق بنا السبل ومايحصل نصيب… هو سافر أوروبا وأنا إتزوجت وولدت وإنفصلت وإتزوجت تاني الحمد لله والحياة شرق بي وغربت… لكن فضلت محتفظة بالجوابات دي مع باقي حاجات عزيزة مجموعة في كرتونة نقلتها معاي من مكان لي مكان طوال السنوات العديدة دي ورغم أني إتغيرت كتير من حيث المشاعر والظروف وشكل التفكير.
لما رجعت البيت مؤخراً بعد شفشفة المساخيت لقيت روحي من ضمن المقتنيات الثمينة الإتمنيت إنها تكون موجودة كانت هذه الكرتونة القديمة… وللأسف مالقيتها…وحزنت عليها جداً.. وماعارفة ممكن يستفيدوا شنو من شوية ذكريات خاصة لابتتباع لابتعنيهم.
المهم… معجزة النت والواتساب قلبت كل الموازين لدرجة نسينا حياتنا قبلهم كانت عاملة كيف وكأنه ما كان عندنا حياة أصلاً!
التيسير الصاحب هذه الطفرة بقدر ما ريحنا وسهل أمورنا بقدر ما فقَّد حاجات كتيرة معناها وقداستها… المعاناة بتُكسب الحاجات قيمة وأهمية وتديها طعم…. يعني جواب الأربعاء داك كان فيه مضامين من الحرص واللهفة وزحمة مشاعر مابتلقاها في مليون واتساب الآن.
تعبيرنا عن مشاعرنا كان فيه تركيز وحياء وصدق شديد ونُبل وتأنِّي بيختلف بالتأكيد عن التهاون والسرعة الحاليات… الآن الواحد يلاقي الواحدة ١٠ دقايق ويشيل رقمها بعد ١٠ دقايق تاني يقول ليها بحبك في الواتس وتاني يوم طوالي تلقاهم مساهرين في كافيه وآخر حميمية !!!
المراسلات الورقية المكتوبة باليد بخط زي البصمة والورق الأملس العنده ريحة والخطابات المعطرة أحياناً والظرف المميز والطوابع المعينة وختم البوستة والمشوار البنمشيه مخصوص كلها تفاصيل إفتقدتها الأجيال الحالية ونحمد الله إننا عشناها وأعتقد إننا آخر الأجيال المحظوظة المخضرمة الواقعة بين عالمين مختلفات.
بشوف الدهشة في عيون الأولاد لما أحكي عن البوسطة وعن البوستجي أبو عجلة وعن الدفار الكان مواصلات وعن المدرسة البنمشيها بالكرعين مسافات وعن فتة سندوتشات الفطور وعن إيجار الكتب من المكتبة وعن المكالمات الكنا بنعملها من محلات الإتصالات!!!
إيييييه…. زمن!!
حتي إسترجاع ذكرياتنا وتداعيها عنده طعم ومليان طاقة وجمال…
انا هسه شلتا نفس وغسلتا روحي بالبوست ده والله…
سقي الله أيامنا…
ويادكتور… أبقي طيب وين ماكنت…
د(اليا) س
بشوف الدهشة في عيون الأولاد لما أحكي عن البوسطة
