لأجل الوطن …..
عودة الأحزاب السياسية للعمل في العاصمة هو دليل عافية ، وطلب مسؤول الحزب الشيوعي من المدير التنفيذي امحلية ام درمان بتسليمه مقره الكائن في نطاق اختصاصه طريقة متحضرة ووفق اللوائح والقوانين …
وحتى كانت الحكومة قد حظرت عمل الأحزاب ، فمن حق الحزب استلام داره … فما بالك والوجود الحزبي مسموح به ، وعليه الحزب هو من يقرر بعد ذلك متى يعاود نشاطه .
وبهذه المناسبة وللأجيال الجديدة ، كان الحزب الشيوعي السوداني اول الأحزاب الأيديولوجية في البلاد ، وأول الأحزاب التي نأءت بنفسها عن الأحزاب الطائفية ، وكان أول حزب سوداني له قانون ولوائح ، وتتم فيه عملية انتخاب. للسكرتير العام ( بغض النظر عما يُثتار عن تكتلات دخله تؤثر في اختيار السكرتير ، والتي ارى شخصياً انها شئ طبيعي في كل الأحزاب السياسية في العالم – ) كان أول حزب لديه انتاج ثقافى وندوات سياسية مفتوحة بها خطاب مختلف ، وكان لديه مكتب عسكري ومكتب تأمين ، وبرزت قيادات نسوية داخله ، وكان ذلك في 1948.
تلى الحزب الشيوعي بأشهر في التكوين حركة الإخوان المسلمون ، والتي دخلت في تحالف مع حزب التحرير الاسلامى ، ثم رأت انها تختلف عن حركة الإخوان المسلمون في مصر ، فاصبحت الحركة الإسلامية وسمي زراعها السياسي جبهة الميثاق الإسلامي ثم استقطبت التيارات المحافظة وللمفارقة اوى اليها أعضاء من الحزب الشيوعي فكانوا منارات فيها مثل الشيخ يس عمر الامام ، وقد استفادت من تجربة الحزب الشيوعي التنظيمية في بناء هياكلها وشبكة علاقاتها ….
وهي مثله لم تخرج من عباءة الطائفيه بل مراكز الوعي في جامعة الخرطوم ومعهد المعلمين العالي والمعهد العلمي ، ووجدت قبولاً اكثر من الحزب الشيوعي إذ كان خطابها يماثل روح المجتمع السوداني المسلم التوّاق حينها لمعرفة دينه وتعاليمه ..، وبالضرورة كان الإسلاميون والشيوعيون خصوماً ، فدعوتهما واسسهما متباينة ولقد دمغ الصراع بين الإسلاميين والشيوعيين الحياة السياسية السودانية ، ولقد فاضت المرارات التي امتلأت بها صدور اجيال متعاقبة منهما ، فسدّت أوردة وشرايين التطور السياسي لهذه البلاد ، ..
هذه الحرب ليس لها مثيل في تاريخ السودان ، وبلا شك البلاد مقبلة على مرحلة جديدة من عمرها ، فهلا كانت صفحةً جديدة في علاقة الإسلاميين والشيوعيين ، تبتدئ من الاتفاق على استقلال البلاد وعدم ارتهانها للأجنبي ، ومساندة المؤسسة العسكرية للدفاع عن الوطن والشعب ..
دعونا من الملاومات والمنهج الذي ينحط بالحوار ، ليكون حواراً او حتى تفاهماً صامتاً بين كيانين رائدين امتلكا وعيّاً مبكراً ، دفعهما لالتزام الفكر ورفع قيمة العقل والانتباهة المبكرة لاهمية بناء الفرد وامتلكا الشجاعة في السباحة عكس تيار الانضواء تحت مظلة الطائفية وأحزاب الأسر .. ،
في 2019، ومع المواقف المتقدمة التي ( احترمتها) للحزب ، تحادثت مع أحد قياداته عن تحالف بينهم والإسلاميين للعبور بالبلاد من الفوضى التي اتفقنا أننا نراها مقبله ، تنهّد (الرفيق) الحكيم ، ثم قال لي صعب ناسنا يمشوا للخطوة فما زالت هناك مرارات ! وانت ما تخافي على البلد ، البلد دي محروسة بالأولياء الصالحين وبالقبب المنتشرة فيها دي ، انا معوّل على ديل اكتر من الحييين !! اندهشت !! لكني وجدتني اسأله : يعني ان شيوعي كيف !! مش بتبالغ !! يعني كيف تعوّل على القبب يااخ …ضحك قال والله نحن مش كفار …نحن أبناء ثقافتنا نعتز بها ..
ليت العقلاء الذين يملكون فضيلة التعالي على الذات يتقدمون لبناء حلف عاقل ووطني وعملي لأجل الوطن .. لأجل السودان ..
د. سناء حمد
