من غرائب الوقائع … من أبو حمد بتاريخ الجمعة 1أبريل 1910م
رسالة الجندي السوداني محمود محمد الهجان للحاكم العام ونجت باشا يسترجع فيها ذكرياته عن واقعة أبو حمد في 7 أغسطس 1897م وزيارته لقبور الضابطين سيدني Kaimakam Sidney و فيتزكلارنس Bimbashi FitzClarence
وطلب العفو إستشفاعا برؤيا منامية
مقدمة : في 7 أغسطس 1897م حدثت واقعة أبو حمد بين قوة حامية المهدية وطابور النيل من حملة الإسترداد المشهورة بحملة جيش كتشنر.
كانت المواجهة بين 3600 جندي سوداني ومصري بقيادة الميجور جنرال آرشيبالد هنتر وحامية المهدية وعددهم بين 400 و1000 مقاتل ، وانتهت بسيطرة الطابور على أبو حمد وما يهمنا هنا أنه كان من بين القتلي البريطانيين إثنين من الضباط هما موضوع هذه القصة الغريبة التي ستحدث بعد ثلاثة عشر سنة يوم الجمعة 1 أبريل 1910م بين أحد العساكر السودانيين في طابور النيل وحاكم عام السودان ونجت باشا.
ويبدو من سياق الرسالة أن الجندي محمود محمد الهجان قد تم إرساله لمجلس تحقيق في أبو حمد ، وعندما وصلها هاجت به الذكرى فسطر هذه الرسالة لونجت باشا.
نص الرسالة:
ابو حمد يوم الجمعه اول ابريل ١٩١٠
سيدى الوالد السير رجينلد ونجت باشا سردار الجيشين المصري وحاكم عام السودان ادام الله اياه ومتعه بالصحه والعافية
بعد تقديم واجبات الاحترام اللائق بمقامكم السامى والسؤال عن صحتكم وصحه اللادى ونجت باشا وصحه سیدتى فكتوريا اخبركم بما هو ات
اخبركم انني تعينت ماموريه لابوحمد (عضو مجلس تحقيق اصابه عسكرى تسبب عنها وفاته ) فقمت من عطبره یوم الثلاثا ۲۹ مارس سنه 1910 الساعه 10,10 مسا فوصلت صباحا يوم الاربعاء ٣٠ منه.
ولما نزلت من القطر توجهت لمنزل حضره الضابط الذي هو من السكه الحديد السودانيه الذى سانزل عنده وعندما وصلت امام منزله وجدت نفسى فى المحل الذي وقفت به من ثلاثه عشرة سنة تقريبا ولم اعد اراه ولم تطاءه رجلاي لهذا اليوم ( الا وهو يوم حضوری واقعه ابو حمد المشئوم )
قلت المشوم لانه يوم فيه فقدت صديق لى كان بطلا وزميلا كان جنبا لجنب لى فى الواقعة الا وهو المرحوم الماسوف عليه ( سدني بك – قومندان ١٠ جى اورطه سودانيه فى ذلك الوقت ) فتذكرت ايامي الماضيه ولما هو واجب على نحوه توجهت توا نحو قبره لزيارته (آخذا سيرى الذي كنت سائرا به في ذاك اليوم)
ولما تذكرت خياله الذي كان دائما خلفي لانى فى ذاك اليوم كنت حاملا بيرق الأورطة وكما لا يخفى على فخامتكم ان القومندان يكون غالبا بل ملازما دائما لظل بيرقدار اورطته فى الوقائع فاستمريت في المسير متحمسا تحمسي في ذاك اليوم (وان كانت المسافة بعيده جدا لايذهبها في الوقت الحاضر احدا مترجلا) حتى وصلت قبره فخريت خاشعا لان زيارة القبور لها هيبه فما بالك بمن داخل هذا القبر فتذكرت ما كان عليه المرحوم ايام حياته وبقيت بين قبري المرحومين ( سدني بك والبكباشي فتسكلارنسن) وبعد ان اهديتها ما في ضميري من الدعوات الصالحات وطلبت من الله ان يريح روحها الطاهرة تركت القبرين و بي وحشه شدیده
ولما عدت لمنزل حضره الضابط سالني عن غيابي فلم اقدر ان اقص عليه شيئ ما بل صرت أتذكر واتخيل تخيلات كثيره فيما كانا عليه هذان البطلان من مكارم الاخلاق وحسن السجايا وما أظهراه فى هذه الواقعة من البسالة والشجاعه النادره و تاسفت لانهم لم تجنيا ثمره اتعابها.
وفى المساء بعد ان دخلت لفراشي للنوم والراحه رايت فى منامی ما راعنی
رايت المرحومين القائم مقام سدني بك ومعه البكباشی فتسكلارسن وطلباني فراعنى ما سمعته منها في المنام لئلا يكون نذير الحمام ولكن مثل غريق لا يخاف من البلل فشاقني خبر ما سأرى فسئلانى عن رتبتي وسبب تأخيرى فاخبرتهم فكلفاني ان اخاطبكم بالاتي (و هو ما اتذكره من كلامهما ) وهو اكتب لسعاده السردار وحاكم عام السودان السير رجينلد ونجت باشا ح.ن . ا,ن .ح.و… … الخ واهديه سلامنا وتحياتنا القلبيه الوديه وكلفه وديا ان يبلغ سلامنا للادى ونجت باشا وابنته الصغيره فكتوريا وقل له عن لساننا ان يصفح عنك ويرقيك لاننا لم يمهلنا القدر لمكافئتك ويرد لك بختك لانك تستحق ذلك والحا علي انه لاهل في الكتابه والا يكونا متكدرين وارونى انهم سیزوراني كلما سمحت لهم الفرص ليقفا على امري.
فعملا بامر قومنداني المرحوم حررت لكم هذا لابرء ذمتي يوم ان اقابلهم.
وفى الصباح استبشرت خيرا و عملت اکلیلا وتوجهت نحو قبري المرحومين ووضعتهم عليهم ودعوت ما خالج ضميرى من الدعوات الصالحات
ودعوت الله انه يريح روحهم الطاهره
فارجوك ايها الوالد ان تصفح عن ولدك اذا كنت او ما صرت عندك منه شيئ فى النفس واقبل توسط هذين البطلين الماسوف عليهم، وتنازل ياسيدي الوالد بقبول احتراماتي وتحياتي.
مع تبليغها للادى ونجت باشا المحترمة وابنتكم العزيزه فكتوريا وادعوا الله ان يمتعكم بالصحة والعافيه وان يطيل حياتكم متمتعاً بالصحة والعافية
انه سميع مجيب
عبدكم
الخاضع
ملازم اول
محمود محمد الهجان باورطه السكة الحديد
١-٤ /۹۱۰
إنتهت الرسالة.
إن أسماء الضابطين البريطانيين ومقتلهما في واقعة أبو حمد صحيحة ، وبالبحث في الشبكة العنكبويتة بإستخدام إسميهما مع كلمات إستدلالية أخرى عثرنا على صورتيهما.
مصدر الرسالة العسكري محمود الهجان : أوراق ونجت – جامعة درم
F R Wingate Papers -Letter to Wingate from Maḥmūd Muḥammad al-Ḥajjān – 100/15/1-3
صورة قبري الضابطين كتاب : السردار والخليفة أو إعادة إخضاع السودان.
SIRDAR & KHALIFA OR THE RECONQUEST OF SUDAN-By BENNET BURLEIGH -1898
صور الضابطين من الشبكة العنكبوتية
1- الرائد هنري مارلو سيدني Brevet-Major Henry Marlow SIDNEY
2-الملازم إدوارد فيتزكلارنس Lieutenant Edward FITZCLARENCE
3- قبري الضابطين في أبوحمد.
#كمال_حامد 👓
الرسالة في التعليقات.
من غرائب الوقائع … من أبو حمد بتاريخ الجمعة 1أبريل 1910م
