رأي ومقالات

العدالة:بين صحيح القانون، ودريبات وجدي !!

حَصَانٌ رَزَانٌ لا تُزَّنَ بِرِيبَةٍ.

وَتُصْبُحُ غَرْثَىٰ مِنْ لُحُومِ الغَوافِلِ.

هكذا وصف سيدنا حسان بن ثابت السيدة أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وعن أمهات المؤمنين وعن صحابة رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أجمعين .

نستعير هذه الأبيات لنصف بها السيدة الفضلى الحاجة وداد بابكر عمر مضوى، حرم سعادة المشير عمر حسن أحمد البشير والتى ألصقت بها التهم الجائرة، وذاقت من الظلم ألواناً، لا لجرم جنته يداها بل لمجرد كونها (كانت) سيدة السودان الأولى !! (وتلك الأيام نداولها بين الناس) .

لم تركن السيدة الحاجة وِداد فى رد اعتبارها واستعادة حقوقها إلى سيوف عشيرتها في قبيلة الكواهلة وهم أهل نجدة وكرم، ولا إلى فزعة قبيلة الجعليين وهم مَن هم، وهى أم أبنائهم من الشهيد إبراهيم شمس الدين، وهي من بعد حرم السيد المشير البشير، ولا إلى نخوة الجَيَّاشة وهم أهل حولٍ وطولٍ، وهي حرم قائدهم الأعلىٰ كما أنها لم تكن بحاجة إلى تعاطف المنظمات النسوية وهى السيدة الأولى التى تمثل نساء السودان فى المنظمات الاقليمية والدولية، ولا إلى المستفيدين من منظمة سند الخيرية وهى مؤسِسَتها ورئيسَتها، وسند الخيرية ساندت الكثيرين، ولا إلى المنصات والوسائط الاعلامية، وهى نجمة المجتمع، وكل هذه الخيارات لم تسلكها الحاجة وِداد لأنها مجرد دريبات !!

لكن الحاجة وِداد اختارت طريق القانون سبيلاً أوحداً يُفضي إلى الحق ولا شئ غير الحق. وأكثرت من قول حسبنا الله ونعم الوكيل، وقد أفلحت وفازت.

وبعد صبر طويل واحتساب أصدر مولانا المأمون الخواض الشيخ العقاد قاضي محكمة جنايات بورتسودان قراراً برفع الحظر عن السيدة وداد بابكر عمر مضوي، وجاء القرار في سطرٍ واحدٍ يستند إلى صحيح القانون أبطل بموجبه أحكاماً سابقة كانت قد قضت بمصادرة ممتلكات من عقارات وأراضٍ زراعية ومجوهرات خاصة وهي بضع حلي عادية من بينها خاتم الزواج !! بجانب غرامة مالية وكان كل ذلك نكاية فى زوجها سعادة المشير البشير فَكَّ اللهُ أسره.

لا أحد يعرف قاضي المحكمة العامة مولانا المأمون فهو يجلس على منصة القضاء ينظر فى القضايا التى أمامه بكل ما يحتاج إليه الخصوم من سلامة الاجراءات القانونية، ورزانة وصرامة وعلم القضاة وعدلهم وهم يطبقون صحيح القانون دون حاجة الى حشد المايكرفونات والكاميرات فكل ما يحتاجون إليه من إعلام هو صوت الحاجِب وهو يصيح (مَحْكَمَةْ) كإعلام وإعلان عن دخول القاضي أو القضاة وهم يعلمون أن أحكامهم ستخضع إلى مراجعات دقيقة وصارمة فى مستويات أعلى حسب ما تقتضية الاجراءات لتصبح أحكاماً قضائية نهائية لا تُمَسْ. وإن كان يمكن النظر فى ما ورائها لجبر الضرر ورد المظالم دون المساس بها، حسب قانون الحسبة العامة.

لكن مَن يُخبر الناشطين والمتشعبطين بأن طريق العدالة ليس فيه “دريبات” بل هو نهج واحد على صراط مستقيم، وهو مكان لا لعب فيه ولا فقرة لأرجوزات السياسة ولا تعقد له المؤتمرات الصحفية، ولا حشد فيه للهتيفة، ولا سهرات أراضي وأراضي !!

طريق العدل قويم ومساره طويل لكنه سليم، مادام لدينا قضاء عادل ومستقل وقادر وراغب .

ولا عزاء للقحاطة .

محجوب فضل بدري