منى سلمان

الإيثار .. بين التنظير والواقع المعاش

[ALIGN=CENTER]الإيثار .. بين التنظير والواقع المعاش[/ALIGN] حدثتني صديقة عزيزة علي، عن شعورها بالحيرة الشديدة عندما ذهبت لمكتب الصراف لتستلم مرتّبها، فوجدت زوج إحدى زميلاتها الذي لا يعمل معهم في نفس المؤسسة – يقف في الصف لاستلام مرتب زوجته، رغم أنها كانت موجودة فقد تركتها خلفها في المكتب .. أخبرتني بأنها فوجئت أكثر عندما عادت للمكتب وقالت لزميلتها:
انتي قاعدة بي جاي يا الفالحة .. وراجلك جا شال ماهيتك ومشى ؟!!
فأجابتها تلك الزميلة بأن (عادي)، فهي أي الزميلة – لم تحظى بفرصة لمس مرتبها منذ زواجها، لأن زوجها قد تعود أن يقوم (أول بـ أول) بإستلامه والتصرف فيه بمعرفته، والأكثر إيلاما أن تلك الزميلة كانت تبكي وتولول عندما إجتاحتها موجة من موجات (فائض العمالة) وتخلصت منها المؤسسة، فقد أوضحت لزميلاتها بأن إيجار البيت ومصروفات المدارس والكثير من منصرفات البيت كان مرتبها يتكفل بتسديدها، لعجز مرتب زوجها البسيط عن مواجهة إلتزامات الأسرة ..
قصة تلك الموظفة (الغلبانة) والمغلوبة على أمر (الماهية)، ومجابدة بين إلتزامات البيت والعيال على طريقة الكاشف:
(غصبا عنك .. مهما تحاول وتاخد حذرك .. تصبح (صارف) .. غصبا عنك)!
تعتبر واحدة من أمثلة زواج (الإيثار) في الواقع المعاش، بعيدا عقودات الزواج المشروطة بالتخلي (طواعية) عن الإنفاق والمبيت، ففي أمثالنا السودانية القديمة نقول (القفة أم أضانين .. بشيلوها اتنين)، ورغم أن (حبوباتنا) لم يكن ليحلمن ولو في أشد أحلامهن جموحا و(شطوحا)، أن المثل الذي يدعوا للتعاون والتكافل سيتحول لـ (إيثار)، تحمل فيه الزوجة (القفة أم أضانين) وحدها لتضعها على (صنقورها) عن رضى أو فلتنتظر (البورة الراجياها) !!
ورغم أن (الحبوبات) كانن يعايرن البنات اللاتي يتلقين مساعدات مادية من أسرهن بعد الزواج، حتى أن إحدى أولئك الحبوبات نظمت فيهن هجاءا سارت به الركبان قالت فيه:
يا الشحّ مطرْكن .. ويا القلّه مهرْكن
يا العند رجالكن وشايلنكم أهلكن
إلا أن تلك (المعايرة) كان بسبب (قلة بركة) بنات آخر زمن، وكراعهن الناشفة التي تتكفل بـ (التنشيف) على ازواجهن، والقضاء على (الوراهم والقدامهم)، حتى تضطر أسرهن لمساعدتهم في الصرف .. ولم تكن من باب استنكار مساعدة الزوج البسيط على معيشته، فهذا أمر عادي تقوم به معظم الأسر، بحيث يقوموا بفصل جزء من المنزل لاقامة الابنة وزوجها معهم، ولا يطلب منه المساهمة في (القفة) أو صرف الأكل، فالآباء (زمان) كانوا يعتبروا أن الاستعانة بزوج الابنة في الصرف على اطعام أهل البيت، نوع من العيب الكبير الذي لا يجوز في حقهم الوقوع فيه.
إذن (الإيثار) كان وسيظل فينا ما دامت الحياة، ودام التعامل بين الناس فـ (الناس بالناس والكل برب العالمين)، ولا بأس باعانة الزوج المتعثر لحين ميسرة يقف بعدها على قدميه ليتكفل بـ (دق صدره) وشيل شيلته التقيلة وحده دون مساعدة من أحد، فقط حكت لي نفس الصديقة قصة شاب قام عمه بإحضاره من البلد مساعدة لشقيقه ووالد ذلك الشاب، فتكفل بمعاشه وعلمه في أحسن المدارس على حسابه، ثم تكفل بمصاريف دراسته الجامعية حتى تخرجه، وطوال تلك السنوات كان يقيم معه في البيت كأحد أبنائه، وعندما تخرج واستلم وظيفته في إحدى المصالح زوّجه العم من ابنته (لا قرش .. لا تعريفة)، وأسكنهم معه وظل يصرف عليهم وعلى ابنائهم حتى تقدم زوج الابنة في وظيفته، وترقى لمراتب أعلى وصار له دخلا يفوق دخل عمه، الذي أدارت له الايام وجهها بعد تقدم سنه وتقلبات السوق التي لم ترحم (شيبته) ..
عندما أحس العم بأن ابن شقيقه (سايق في العوج) و(سادي دي بي طينة ودي بي عجينة) رغم علمه بظروف عمه، لم يجد العم بدا من مواجهته قائلا:
يا ولدي .. دحين أنا ربيتك وعلمتك وعرستا ليك، وما سألتك قبال ده من شي .. لكن يوم واحد ما شفتك شايل ليك كيس لناس البيت أو حتى لأولادك .. وهسي ظرفي وظرفك اختلفوا دحين دايرك تشيل مشالك براك .
ولكن كاد قلب العم المسكين أن يتوقف عندما فاجأه ابن أخيه بالقول:
أنا ما ملزم بالصرف لأنك زوجتني بتك زواج نكاح .. مش زواج انفاق !!
فما كان من العم إلا أن فتح له الباب على مصرعيه وطلب منه المغادرة غير مأسوفا عليه.
طلب إعانة :
رصد ومتابعة مثل هذه القصص التي تحكي عن واقع (الايثار) المعاش لدينا منذ قديم الزمن، على طريقة (شيلني واشيلك) دون الحوجة لإشتراط تلك الشروط المجحفة في قسيمة الزواج لتكون حكما مدى الحياة، هو موضوع رسالة الماجستير التي تعدها الشابة المجتهدة (سارة محمد الحسن) صديقة صديقتي الدكتورة (آمنة)، التي استعانت بي لمساعدتها عبر اللطائف على الحصول على حالات مماثلة لادراجها ضمن بحثها، ولذلك أرجو من أصدقاء اللطائف أن يهبوا لمعاونة (سارة) .. فكل من عاشت قصة مشابه أو عايشتها، نرجو منها الكتابة عنها لبريدي الالكتروني، أو الاتصال مباشرة بالاخت (سارة) عبر رقم الموبايل (0916516565 ) ولا أراكم الله ايثارا في عزيزا لديكم !!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫3 تعليقات

  1. الاخت منى تحية طيبة:-
    اننى لا اريد ان اخوض بجدل فقهى تجاه مسالة زواج الايثار او هو زواج المسيار لان هذه الفتوى قد صدرت من مجمع فقهى فالمسالة الفقهية احلت الزواج ولكن هل بالنسبة للافراد يتم الرضاء باستغلال طرف للاخر ؟ وما الذى يحدث للابناء فى المستقبل ما دام ان الامر موافق بين الطرفين ؟ انا اعتقد ان مسالة الزواج فى المقام الاول رباط مقدس بين الطرفين هل تسالنا لماذا حلل الزواج المسيار وما هى شروط صحة الزواج المسيار او الايثار ؟ لان هذه الامور تحتاج الى توضيح اكثر ليفهم المقبل على الزواج ما هى الخطوات الصحيحة ؟ الاهم هو حل هذه المشكلة تكمن فى ان المجتمع هو الذى يسمح للزواج بطريقة المسيار او الايثار لان الخطا فى فهمنا الحقيقى للزواج الطبيعى اذ لا يمكن الاسرة ان تطالب المقبل للزواج بطريقة غير منطقية فى المطلوب من الزوج هل سالت نفسك كيف تم زواجل ؟ هل كان بدون صرف بذخى ؟ هل نحن تتبعنا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم اذا جاءكم من ترضون خلقه فزوجوه هل نحن طرينا اسلامية فى الاساس ؟ نحن من الاساس لا نطبق الاسلام فى الزواج التقليدى العلنى نحن نهتم بالمظهر البذخى هل هذا زواج اسلامى؟ اذن ما الحل اعتقد ان المجمع الفقهى راى ان المجتمع لا يمكن ان ينحول من طريقة الزواج الغير اسلامية اصلا الا فى الورق وفى الشهود ولكى لا تعم الفاحشة حاول ان يجد مخرجا للحل والله اعلم لكن علينا ان نعيب انفسنا اول ومن بعد ذلك يمكن ان ننتقد اى اقتراح فقهى الان كثير من البنات فاتهن قطار الزواج والرجال ايضا كما حدث فى ظاهرة الختان الفرعونى يمارس دون ان نعرف جذوره او اصوله ونرى من خرج من هذه الممارسة كانه اختار بدعة يجب اولا ان تكون الدراسة العلمية للاخت دراسة توجد فيها المقارنة والمسببات والاسباب التى ادت الى ظهور زواج الايثار لا ان ننجرف للناحية العاطفية وننحاز لطرف دون الاخر بل بناحية علمية متجردة تضع الحل المنطقى

  2. والله يا اسنازة البصرف ويربي دا زاتو في الزمن دا زي ماقالو السباب( داقس) ف القصة انو الواحد او الزمن اتغير يا استازة ف ربنا يكون في العون

  3. كل يوم تطل علينا الأخت منى بموضوع جديد وشيق . فقط أريد أن أسأل هل المواضيع دي من الواقع ولا من بنات أفكارها ؟ في كلتا الحالتين لا مانع لكن أشيد بسعة أفقها وبساطة وسلاسة أسلوبها بس ملك نازلة في زواج الإيثار ضفاري؟ دي دفاع عن بنات جنسك ولا خوف منه ؟ وهل أنت بتستلمي راتبك بنفسك ولا بستلمو ليك سيد الإسم ؟ والله أتمنى ليك كل خير وتوفيق ، ما تتصوري مدي الترويح والراحة التي تتركها مواضيعك في نفسي لذلك أنا من المواظبين جدا على قراءتها والبحث عن جديد كتاباتك ، لكن خوفي من أن تقعي في مستنقع الكتابة عن السياسة كما الأخت منى ابوزيد ومنى عبد الفتاح . عذرا أنا شخص أمقت السياسة لدرجة لا توصف .

    :lool: :crazy: :lool: :crazy: :crazy: