رأي ومقالات

الدمعة الغالية والخطوة التالية

ما كان البرهان اِلَّا بشراً سويَّاً، يُحزِنَه ما يحزن الناس ويُفرحه ما يفرحهم، واِن كان معروفاً عنه، من قَبل أن يتولَّىٰ زِمـام أمر بلادنا، أنه رجلٌ قوى الشكيمة، ليس للخوف فى قلبه نصيب، رجلٌ عصىَّ الدمع، شيمته الصبر، وهو كذلك مقاتلٌ شرس، واسع الحيلة،شديد الدهاء، لم ير ضباطه وعساكره منه دَمعَةً البتة، تلك الدموع التى أَبَتْ وعَزَّتْ أن تنزل منه حتى وهو يقبُر فلذة كبده بيديه.

لكن دمعته تلك العصية قد تَحدَّرَتْ من عينيه بلا استئذان وهو يُحَىَّ جماهير الشعب الذى هبَّ للقائه دون أن يُقال لهم [أن هُبُّوا]!!

هذا ما كان من أمر دموع الرجال الغالية، فما هى الخطوة التالية؟؟
هذا السؤال أجاب عليه الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بعد أن ذَرَف قبلها دمعة البرهان الانسان أمام الحشد العفوى. فماذا قال؟
قال رئيس مجلس السيادة القائد العام لقوات الشعب المسلحة،أن لا جلوس ولا تفاوض مع مليشيا عيال دقلو الإرهابية إلا بعد أن تضع السلاح وتتجمع شراذمها فى أماكن محددة، وتخضع لقانون قوات الشعب المسلحة، وهذا شرط أساسي لنرىٰ بعدها ماذا نقول، وقد قال مثل ذلك فى أكثر من مناسبة، من أن أي مبادرة لا تلبي هذا الشرط مرفوضة أساساً منَّا ومن الشعب.

وقال أنه لا سبيل لعودة مليشيا عيال دقلو المجرمة ومعاونيها إلى المشهد السوداني إلا من بعد أن تأخذ العدالة مجراها، وتقتص لكل ضحاياها منهم.

وقال إن الحل يجب أن يكون سودانياً خالصاً، ولن نقبل إملاءات من الخارج والأولوية الآن هي للعمل العسكري، وبعد أن تضع الحرب أوزارها بدحر المليشيا، عندها لكل حادثةٍ حديث .

ووضع البرهان رسالة فى بريد الخارج فقال إن الاسلاميين قد أزاحتهم ثورة شعبية من الحكم فلا سبيل لعودتهم كما تروِّج بعض الأصوات لذلك.

اليقين الذي لا يتطرق إليه الشك أن السيد الفريق أول ركن البرهان قد حسم أمر المفاوضات الذي تلوكه أبواق مليشيا عيال دقلو وتمجَّه أشداقها، فقد جعله حديث البرهان شيئاً من الماضي، لن يحفل به أحد، وأن فزَّاعة الإسلاميين ومخافة عودتهم الىٰ الحكم لم تعد تخيف أحداً، وأن لا صوتَ يعلو فوق صوت المعركة، وأن الهدنة التى أعلنتها مليشيا عيال دقلو من جانبها ماهي إلا مناورة مكشوفة وخطة مفضوحة لالتهام المزيد من أرض السودان ونهب وتقتيل أهله وتهجير من بقِىَ منهم حيَّاً .

ولنا أن نحني هاماتنا اِجلالاً وإكباراً لدموع الرجال التي عبَّرت عنها عَبْرةَ البرهان مصحوبةً بنظرةٍ تشعّ بالاصرار على تطهير كل شبر دنسته أقدام مليشيا عيال دقلو المجرمة-كما حدث- (فى بقعةٍ تُسَمَّى بابنـوسة حيث برطـعـت المليشـيا التعيسة).

لم يعد هناك مجالاً لتلتقط مليشيا عيال دقلو أنفاسها، وليس هناك أىّ تردد، وكما جاء فى المثل الشعبى: (الفارس ما بيموت والخوَّاف ما بيموت، بيموت الملاوز) واِيدْنَا ما اتْعلمَت الهَدَّة!! فاذا ما قلنا فعلنا.

من أطرف ماقيل فى المتردد أو المتشائم، أنه ينظر يميناً ثم يساراً ثم يميناً،قبل أن يعبر [طريق ذو اتجاهٍ واحد] .

سعادة القائد العام، لا أبكىٰ اللهُ لك عيناً، وقد رأيتَ رأىَ العين مدىٰ اِلتفاف الشعب حول جيشٍ أنت قائده ورمز عزته أرمي قِدَّام ، بل بس.

محجوب فضل بدري