إسحق أحمد فضل الله يكتب: (جلباب…)

(جلباب…)
وجلباب عندك تعني إسلام،
وإسلام تعني عقلًا مغلقًا.
ولعله في عام ألفين كان مهرجان ثقافة في دمشق،
ووفد السودان يرأسه
أحمد علي الإمام… شيخ في جلباب.
وندخل القاعة… والقاعة فيها مشهد الثقافة في دمشق يومها:
شباب في بنطلونات ممزعة… وشعر هائج، وأساور في أيدي الأولاد، وعقود على الصدور، وميكروفون يقصف الراقصين / زحام / بأغنيات بلغات أجنبية و…
وسط هذا المشهد يقف دكتور أحمد علي الإمام بجلباب ولحية.
……
ودقائق الاستراحة من الرقص تُغطّى بكلمات الوفود…
والميكروفون يقدّم مندوب السودان… أحمد علي الإمام.
وأحمد صعد…
ونظرات تحدق في الجلباب في دهشة.
فالمشهد عندهم / جلباب… وعمامة… وثقافة؟؟ / تناقض مضحك…
والبعض بالفعل ضحك.
وأحمد الراسخ يبدأ الحديث.
والجلباب يبدأ المكر.
……
والراقصون يلتفتون إلى المنصة، ويستمعون.
ودقيقة استماع… ثم تحوّلوا للحديث مع بعضهم، متجاهلين المتحدث.
وأحمد الساحر يبدأ في إخراج الأرنب من القبعة…
أحمد يقول جملة، ثم يستشهد لقوله بفولتير…
وأحمد يسرد القول الفرنسي بالفرنسية…
والطرافة تجذب العيون…
والحديث عن الثقافة يجلب الأدب الإنجليزي… وكوزييت…
والشاعر صاحب «أربعاء الرماد» قصيدته تتدفق بالإنجليزية من فم (مولانا الإمام).
ودقائق… والأحاديث الجانبية في القاعة كلها تتوقف، ويقتربون من المنصة…
ومن المنصة تنسكب أبيات نزار… السياب… مطر… سند… محمد عبد الحي و…
والإمام صوته فخم، ومكره الذي يسوق الآذان…
مكر فخم، و…
والدقائق الخمس تمتد… وتمتد.
وأحمد، مثل طائر أسطوري، يهبط…
يهدّئ من صوته… ثم يسكت.
ولحظة صمت…
ثم رعد من التصفيق جعل كل سوداني هناك يتمطّى، ويقول للناس:
تعالوا نعلمكم الثقافة.
……
قبلها بفترة يحكي عمر محمد الحاج قال:
دُعيت في مدني للاشتراك في مهرجان خطابي شيوعي.
وبعد المتحدث الثالث قال مقدم البرنامج:
والآن نقدّم إليكم ممثل الفكر المتعفن، المتحجر، الذي يزرع الجهل والخرافة والدجل، ويُسمّى الثقافة الإسلامية.
قال عمر وصعدت المنصة،
وقلت:
من بديهيات الاستيحاش… البغتة، حيث الفكر يتأطر تحت استوكار الخرافة، ومنافط الإدكار الإيديولوجي ليعيش الاستعادية الذاتية ابتداءً من أنطولوجيات هيدجر وأبيليير وفرويد وحتى أدلر، انعطافًا من هذه الموقفية الانفلاتية المتحررة من البرجوازية الدادائية، وحين أشيطون فإنني…
قال عمر: ولنصف ساعة مضيف أهرف بكل الطين الذي يقع تحت لساني.
وكان واضحًا أنه لم يفهم أحد شيئًا.
وكان واضحًا أنه لا أحد يجرؤ على أن (يفضح) تخلفه ويقول إنه لم يفهم.
وفي نهاية حديثي حملوني على بحر من التصفيق المنبهر.
حكاية هدم المجتمع العربي المسلم حكاية واسعة، لكن…
كيف تقول للأمي الأصم إنه أمي أصم؟
الحركات الإسلامية جاءت لإخراج الحوت من الشبكة
إسحق أحمد فضل الله






