رأي ومقالات

صديقنا العزيز ما كان خايف مِنْ “الموت” نفسه؛ كان خايف مِنْ أمر آخر غريب شويّة

صباح الخير..
أحد الأصدقاء الأعزاء في قروب واتساب طلب منّنا إذا توفاه الله أنْ نترحّم عليه ونسأل المولى له أنْ يغفر خطاياه ويحسن مثواه. صديقنا العزيز ما كان خايف مِنْ “الموت” نفسه؛ كان خايف مِنْ أمر آخر غريب شويّة؛ الغرابة بتظهر في الوصيّة التركها لينا.. فهو وصانا -بجانب الترحّم عليه- أنْ نتولى مهمة قمع أي شخص يحاول أنْ ينعيه بشكل غريب أو غير معهود مِنْ معارفه السابقين؛ أصدقاؤه أيام كان ناشط حائر بتسكّع بين أتنيه وبابا كوستا، ومبرّم شعره وبلبس كنغولية وبقول لست الشاي لما يجي يطلب: “يا خُلاسيِّة.. يا نصف نبيِّة.. جبنة خفيفة نشيلها أنا وإنت، وسُكّر زي ما قاصدة” -سُكّر زي ما قاصدة = سُكّر خفيف-. ويمشي بعدها يقعد في البنبر والمعاه مِنْ الرثين والرثات ما عارفين مالهم مع الوجود أو الوجود مالو معاهم؛ هل الواحد منّهم عنده إمساك مزمن ولا سوء هضم إبستمولوجي ولا إسهال كلامي! اها في القروب ردّ عليه صاحبنا التاني -راجل فقري- قال ليه: “أول حاجة حنخفي خبر وفاتك فترة تأمين من التعازي الجلنطية بتاعة ناسك 2012 – 2015”

الحقيقة أنا -ومع إنّه ما عندي علاقة بالأوساط المسرّبة دي- لكن مجرّد ما اتخيّلت إني لو مت ممكن واحد ينعيني بعبارة زي: “وداعًا صديق النوارس” شعرت بالذعر؛ وفعلًا قدرت اتفهّم خوف صاحبنا جاي مِنْ وين. نوارس شنو؟ إنت عوير يا ود؟! هه

أنا الحقيقة طمنّته شويّة؛ قلت ليه ما تخاف أهلك الكاربين في الريف بنجدوُك.. يعني حتى لو في اتنين تلاتة نعوك بصورة “جلنطية” أو “غُرجِيِّة” في الآخر بتضيع في نص تعازي عربكم الكاتمين الضكرانيين الفي البلد ديلاك. وريته يعني إنّه موقفه في الآخر كويّس -على الأقل قياسًا بصديق آخر لينا-؛ ولو في خوف.. فالخوف الحقيقي على داك؛ صاحبنا داك كمان كان cis فترة الجامعة، وفي ال cis كان زول “كرمل وبلوط”؛ قلت ليه اتخيل يجوا ناس -مِنْ “الدماغهم متكلّفة”- بتكون اساميهم كدا: عباس نيتشة/ الطاهر جدلية/ الطيب كانط/ عثمان داروين/ اسماعين جون/ سرّوية ماركيز.. ويجوا كمان ينعوه بصيغ رمزيات ثقافية خارم بارم: وداعًا أيها السمندل المهاجر صديقُ العشب والأقحوان.. وراء الوجود يتسعُ المدى لكل شئ؛ للنمل، وميري الصغيرة، والملائكة السُمر، وحديث أشجار التبلدي. ارتشف كأسًا لنخبنا مِنْ عرق الإله.. وتوسّد بجسدك الأبنوسي على القرمصيص!

الحقيقة بعدها الخوف عمّ القروب؛ بقى كل واحد خايف: مِنْ النُعاة المخستكين يجوا يتمخطوا ويكتبوا الكلمات الغريبة، ومهموم لو بقى في واحد مُسرّب في دوائره الاجتماعية وناسيه.. بقى منتهى الأمل إنّه “لو ربّنا افتكرك” إن شاء الله ما يبقى في ترحّم ولا مزيرة ولا إلتزام بطقس جنائزي حزين وصارم.. لكن بس عوارة وكلام خارم بارم ما عاوزين!

الحُرقة في الموضوع دا إنّك وقتها بتكون ميّت؛ يعني لا تعرف ترجع الدنيا عشان تلطش الواحد مِنْ ديل كف، لا قادر تشرح طبيعة استياءك مِنْ الأقدار الاتاحت فرصة لإزدراءك على النحو المريع دا، ولا ولا.. في فارغة بتتقال في حقّك وإنت وظائفك الحيوية متوقفة تمامًا!
الله يحسن قِداميتنا.. ويختينا العِرفة الخارم بارم التشيلك هم حيّ وميّت!

محمد أحمد عبد السلام