حكي لي أحد التجار قصة، لديه ثروة ويرغب أن يتولى إبنه من زوجته الاولى، بنت عمه، إدارتها وأن ينجح فيها وفي رعاية كل الأسرة، خاصة وأنه الوحيد بين أخوات، أما أبناء زوجته الثانية من دولة أجنبية ولا يجدون الاحترام الكافي وسط أهله وعشيرته، وهو يحفظ لهم حقوقهم ولكنه يرى نفسه في ابنه من عشيرته. رغم ذلك كانت بنته الكبرى أفضل من أخيها، فهو عنيد وجحود وسيء الخلق وصاحب هوى، والأب يجتهد في تقويمه. المفارقة أن اثنين من ابناء الزوجة الثانية هما قمة في الأخلاق والذكاء التجاري والسمعة الجيدة في السوق والبر بأبيهم.
يقول: أهدرت سنوات وهم يبنون وإبني من الأولى يخرب، وفشلت كل محاولات اصلاحه وتيقنت أنني لو مضيت سيخرب كل ثروتي وستقف العشيرة معه. وبلغت به الجرأة أنه يتفق مع المنافسين ضد اخوانه حتى يفشلوا ويحاسبهم على فشلهم ويزعجني بالقصص الكثيرة عنهم والمبالغة والتهويل في أقل خطأ منهم، بل كان لا شغل له سوى ذلك.
توضأت وصليت واستخرت، عزلته وسحبت منه كل صلاحياته ومنحته عملا تجاريا منفصلا تماما، وقلت له لو ضاع لست مسئولا عنك، وعينت ابناء الثانية في المواقع المهمة، واجلست بنتي في عمل إداري معي.
فعلت ما تفاديه سنوات، تقديم البنت على الولد، وتقديم ابناء الأجنبية على ابن العشيرة.
دخل إبني السجن، واخرجته منه، وتكفلت بأبناءه، وقلت له ما بيني وبينك إلا غداء الجمعة مع العائلة ومناسبات الأهل واذا دخلت السجن ستبقى فيه، وفعلا دخل مرة أخرى وقضى مدة، وفشلت كل الوساطات لاقناعي باخراجه، وفعلها أخوته الذين كان يسيء لهم دوني علمي، ولما زجرتهم قالوا لا نريد أن ننكس لك رأسك وسط عشيرتك.
ثم تاب وخرج، واجتهد في عمل وتأدب وتحسنت حالته فقال لي البعض من أهلي لماذا لا تعيده لموقعه؟ قلت لو فعلت ذلك سيكون فعلا الجحود وراثة وقد أخذه مني. لقد عذبني وعذب إخوانه، وهم صبروا عليه وانقذوني، لماذا أكافئهم بتأخيرهم وتقديمه فوق أعناقهم مرة أخرى، لو أراد أن يعمل تابعا لهم جزاه الله خيرا لكن لن اسلطه عليهم أبدا تبت إلى الله، وأسأل الله أن يكون في ذريته من هو خير منه.
لقد أمتحنني الله لأنني أحب عشيرتي واقدم الولد على البنت، ولكن الله يهدي من يشاء لا من نحب ونتمنى.
الترجمة على الشريط .. كان الأصدقاء العرب يرغبون في نجاح القحاتة والفشلة وأصحاب الهوى وتعبوا معهم في اصلاح عيوبهم وتفادوا لمدة أربع سنوات حسوما العودة للتعامل مع الاسلاميين والنظام السابق في السودان، ولكن ثبت تماما ارتباط القحاتة بالشؤم والفشل وطغيان العدو الذي يتربص بالجميع، بل ثبتت عمالتهم للعدو ضد من يساعدهم وخيانته بأبخس الأثمان.
حتى لو تابوا سيكون من الجحود والفشل والنحس والشؤم لكل المنطقة تقديمهم.
مكي المغربي
