مساء الخير.. (بيعُ القصائِد.. وشراء الحريّة والكرامة)

اسي يا جماعة تيروس ولا مخاتة دا ما خلاص الفيه اتعرفت.. فنحن نكسب الزمن نقرع أزهري محمد علي. أنا فاهم إنّه ما بهون عليكم تعاملوه بقسوة واحتقار؛ كون إنّه مركِّب وش الرجل ال Decent الطيّب الوقور وبملاح يظهر خلالها بثقة هادئة ومتزنة.. وطبعًا المساعده في التظاهر بالوقار والتهذيب مسألتان: الأولى إنّه مُحتفِظ بشعره الأبيض الكثيف -وهذا يُحمد له؛ كون إنّه ما بصبّغ-. والمسألة الثانية إنّه عنده صوت مبحوح وجميل، وبتحدّث بنبرة صوت خفيضة؛ بستخدم خلالها ووبراعة إيماءات متزامنة بدقّة مع الكلام.. بالطبع دي مِنْ سمات الحكماء؛ خصوصًا وإنّه بتمتّع كمان بخصلة حميدة أخرى -نادرة عند السودانيين-؛ وهي إنّه أزهري مُقتصد لحدّ كبير في الحديث.. لا يُثرثر ولا يملأ الفراغ كلامًا بلا معنى هذه نفسها تتصلُ بنقطة أخرى واضحة لحدّ كبير في شخصيته؛ وهي قدرته على تأجيل “الاستجابة الانفعالية” -بمعنى ممكن تشتمه لكن ما يُظهِر إنّه اشتغل بيك أو ألقى لك بالًا أو اكترث لما تقول-.. لكن الفكرة مِنْ الوعي بالمؤثرات وتسليط الضوء عليها إنّنا محتاجين نبعد المؤثرات الخارجية في التأمل العقلاني، أو عوامل التأثير البستند عليها الرجل المُستهبل عشان يصنع الطلس، ويمرّر الأوهام والسراب. وبالطبع حتى نقترب أكثر مِنْ “الجوهر”؛ لنعرف الحقيقة عارية بلا إملاءات أو إكراهات عاطفية. والحقيقة بتقول إنّه ذكي لكن مكتّر الميكاب أو في الحقيقة مُرتدي قناع عديل؛ وهو في نهاية المطاف جنجويديِّ -“جنجويديِّ” تُسمع بصوت محمد جلال هاشم-.. ولاّ الجنجويديِّ إلا يكون بشبه ولدي بدران؟
بالنسبة لأزهري -عشان نشوف موضوع كيف نخارجه مِنْ حياتنا- ممكن نقول عنده معانا أغنية “وضاحة” -ولو إنّها شعريًّا وجماليًّا تعبانة وضعيفة بل ورديئة خالص خالص. وأنا بعرف شعره كويس؛ عنده مِنْ “الحلزونة يمّة الحلزونة” كتير-. لكن نقول عنده معانا وضاحة كرم وأخلاق وجدعنة منّنا. وضاحة دي نناديه ونقعد معاه بخصوصها.. نشوف عاوز قصادها كم. طبعا هو شاطر وحاذِق -ما زول بغ بغ-؛ مباشرةً سيلجأ لحيلة إدعاء الفضيلة وحيقول: معقولة أبيع شعري! شعري الكتبته لشعبي، يوماتي أفديكم بالقصائد يا أبنائي -ههه “يُوماتِي” مِنْ المفردات التي يُحبّها أزهري وبستخدمها بصورة مُبتذلة-. المهم الزول الحميشي ينجز الصفقة يكون صارم، طوالي ينهي معاه (كوبليه) التظاهُر بالفضيلة بتاعه دا؛ يقول ليه: يا حبوب إنت بعت نفسك.. ما تبيع قصائدك! يلا أنجز وبطلّ دراما. ورينا عاوز فيها -أو “فيهن” في حال ح نشتري أكتر مِنْ قصيدة- كم؟ أوّل ما يسمي رقم.. طوالي ننزل الشارع نجمع تبرعات من الشعب السوداني، ونشوف أقرب أبجيقة في سوق العملة ممكن يحولها لينا دراهم إماراتية ب rate كويس. ونسلّمه قروشه ونقول ليه يلا معاك سلامة يا أبا الزهور، وموفّق مع أسيادك الجدد.. أمشي استمتع بخبز الفنادق الكنت بتقول عليه وإن شالله ينفعك و”يركّك عافي ركّ”، وما تنسى تراقب معاك الأفاعي الحايمة من برج خليفة لعجمان الكانت متحاومة زمن عمرك النضالي السابق “مِنْ روتانا لأمواج”!
أهمية الخطوة دي؛ غير الأهمية الرمزية والوجدانية.. هي بتعكس حقيقة ناس انعتقوا مِنْ: الأوهام، والرساليين الكَذَبة، والمتكلّمين -زورًا- باسم الله والانسانية؛ وما انعتقوا فقط.. بل حرّروا أنفسهم بأنفسهم وأشتروا حريتهم مِنْ عبادة الضلال وبأموالهم.
الحكاية دي ما معني بيها أزهري وحده؛ أي جنجويديِّ مِنْ جنجويد “أصحاب الياقات البيضاء” بفتكر عنده معانا حاجة أو في يوم قدّم لينا شي.. ياخد قصادها مُقابل مادي ويغور من وشّنا.

محمد أحمد عبد السلام

Exit mobile version