منى سلمان

تاباها مملحة .. تكوسا يابسة ما تلقاها ١-٢

[ALIGN=CENTER]تاباها مملحة .. تكوسا يابسة ما تلقاها (١-٢)[/ALIGN] كانت عقارب الساعة تقترب من التاسعة والنصف صباحا، عندما سمعت (سعدية) حركة فتح باب الشارع فقامت لتنظر عبر شُبّاك المطبخ .. لمحت ضيفيهما (النور) و(صالح) يحاولان التسلل والخروج من البيت دون أن يشعر بهما أحد، فأسرعت بمغادرة المطبخ وتوجهت نحو زوجها (عبد الرحمن) الجالس في البرنده يتلو أوراده الصباحية، سألته في استغراب:
خليت ناس النور يمرقوا قبال الفطور مالك؟ هداك فطورنا جاهز بس أغرفو في الصحون.
نفى (عبد الرحمن) علمه بمغادرة أبناء خاله الذين قدما للخرطوم من الحلة لبعض شأنهما، وأسرع ليلحق بهما قبل أن يبتعدا، فأدركهما وهما يهمان بإغلاق الباب خلفهم والمغادرة .. ناداهم (عبد الرحمن) وعاتبهم على عدم جعلهم (الحالة واحدة) وإلا كيف يتسللا من البيت وبطونهم خاوية دون أن يتناولوا شيئا قبل خروجهم لمصالحهم، ولكن (النور) اعتذر بأن الحالة واحدة ولكنهم يرغبون في الذهاب لأمدرمان لزيارة ابن عمهم الذي كان قد اتصل بالامس ودعاهم لتناول وجبة الفطور معه، أخلى (عبد الرحمن) سبيل ابني خاله على مضض وقال لهم مودعا:
ما كنتا دايركم تقوموا بي خاطري .. ما سمعتوا المثل قال ان قعدتا للحول ما تقوم بي خاطر زول ؟ لكن ما دام قلتوا المبارك عازمكم .. اتوكلوا أمشوا على بركة الله.
لم يجد (النور) بأسا في أن يكذب على (عبد الرحمن) تلك الكذبة البيضاء الصغيرة، فهم لم يتلقوا أي دعوة لتناول الفطور مع (المبارك) قريبهم المقيم بحي العرضة في أمدرمان، ولكنهما اعتذرا بحجة الدعوة للمخارجة من الحاح (عبد الرحمن)، فقد قرر الشقيقان أن يقسّما اليوم الذي تبقا لهما في الخرطوم بين اثنين من اقربائهم، بحيث يتناولا الافطار مع (المبارك)، والغداء مع (عثمان) في حي المزاد ببحري قبل أن يعودا للحلة صبيحة اليوم التالي ..
دقت ساعة الحائط المعلقة في البقالة معلنة الحادية عشر صباحا، عندما توقف (النور) و(صالح) ليستوثقا من أن البيت المقابل لها هو بيت (المبارك)، بعد أن استخدما ثلاثة مركبات في سبيل الوصول إليه، شعرا بالراحة والسعادة عندما أكد لهم صاحب البقالة صحة المعلومة، ولكن قبل أن يتوجها إليه لطرق الباب أردف صاحب البقالة قائلا:
باقي لي الناس ديل مافيشين ..البيت فاضي.
ثم تكرم لهم بسرد معلوماته الاستخبارية التي يتيحها له جلوسه أمام الدكان فقال:
المبارك ده مرق من بدري والجماعة بتاعنو والاولاد بايتين من البارح مع أهلم .. لكن كدي دقّوا الباب يمكن يكون في زول حارس البيت ..
كلّ متن الاثنين دون أن يكلمهم أحد من داخل منزل (المبارك)، أو يستجيب لطرقاتهم على الباب، فتوكلا على الله ويمما شطر مدينة بحري .. ولكن لازمهم سوء الحظ عندما إكتشفا بأن (كبري بحري) كان مغلقا لسبب ما، فعادا للخرطوم لركوب مواصلات بحري من هناك، ولسخرية القدر مرّت بهم الحافلة من أمام بيت (عبد الرحمن) الذي كان يهم بمغادرة البيت لبعض شأنه .. أشارا له بالتحية عندما اقتربت منه الحافلة، ولكنها ابتعدت بهم بسرعة وتجاوزته وهو يشير بيديه كأنه يسأل: (مالكم بي جاي؟)
توقفا بجوار بقالة (السعادة) وحيّا صاحبها الذي كان منهمكا في متابعة برنامج الرياضة بعد نهاية نشرة الساعة الثالثة، فرد عليهم التحية وأكد لهم وصف منزل (عثمان) الذي يبعد عن دكانه مسافة اربعة بيوت .. توجها إليه وقلوبهم واجفة من تكرار ما حدث معهم في أمدرمان، ولكن كم كانت سعادتهم غامرة عندما طرقا الباب ففتحه (عثمان) بنفسه.
تمدد (النور) و(صالح) على سريرين متقابلين في الديوان وسط عبارات الترحيب والاشتياق التي حفّهما بها (عثمان)، ثم نادي على زوجته (رقية) لتسلم على اقربائه القادمين من الحلّة .. بعد المسالمة والمطايبة وجه (عثمان) سؤالا لـ (رقية):
أها غداك جاهز وللا نرسل نجيب البارد للشباب ديل؟
أجابته رقية بـ (غدانا قرررب يجهز .. خليهم بس يشربوا موية عشان البارد بيصدم ويحميهم الأكل) !!
وقد كان فقد ظل الاثنان يعبّان من جك الموية الباردة كلما (قرصت) معاهم، بينما اندمج (عثمان) في الونسة والسؤال عن أخبار أهل الحلّة واحد .. واحد، دون أن يجدا الشجاعة الكافية لمصارحته بأنهم (ما فاطرين وعلى لحم بطونهم منذ الصباح).
جاء الفرج أو هكذا خيلت إليهم أصوات (كواريك بطونهم الجيعانة)، عندما نظر (عثمان) فجأة لساعته وقال بإنزعاج:
معقول الساعة بقت خمسة ونص؟ شوف بالله الونسة سرقتنا كيف؟
ثم رفع صوته مناديا: يا رقية … رقية .. حكايتك شنو ياخ؟ غداك ده ما جهز لسه؟
فردت عليه من الداخل: هداهو جهز تعال شيلو
وقف (عثمان) وبدأ في لبس السفنجة، عندما تناهى لاسماعهم طرقات مزعجة في الباب فتحول للخارج وفتح الباب، ليدخل منه مجموعة من الرجال يحملون شخصا بين أيديهم .. دخلوا به وسط اسئلة (عثمان) المنزعجة (الحاصل شنو يا جماعة؟) وقبل أن يصلوا به لأول سرير اندفعت (رقية) من الداخل تصيح وتولول:
وووب علي .. سجمي .. سجمي .. مختار أخوي مالو؟
يتبع

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫2 تعليقات

  1. أختي المنينه الله يحفظك زي ما بقولوا جراده في كفة ولا الف طاير الظاهر ديل حارين ولكن لم يتغدوا

  2. منتظرين وكلنا عشم انك تنهى لينا الكلام دة بإنك تسدى رمق المساكين ديل
    ولك التحية