مشاعر مسلم
مشاعر مختلطة انتابتني أمس الجمعة حيال أوضاع المسلمين في الكثير من بلدان العالم، وأظن أنها ذات المشاعر لدى الكثيرين.. هل نتعاطف مع جميع المسلمين من باب انصر أخاك ظالما أو مظلوما؟ أم نقف مع وضد حسب ظاهر الأشياء وحقائقها؟، فخطيب الجمعة أمس بالمسجد العتيق في الخرطوم كان يحدثنا عن معاناة المسلمين في أفريقيا الوسطى ويطلب منا الدعاء لهم بالنصرة مذكرا بأن الدعاء حتى يستجاب يحتاج منا إلى مراجعة صلاتنا بالله.. ثم أعقب الخطيب والصلاة متحدث آخر روى بشاعة القتل والحرق والتمثيل بجثث المسلمين في أفريقيا الوسطى والكرامات كذلك لبعضهم ودعا الناس إلى النصرة ليس بالدعاء فقط كما أشار الخطيب الأول بل بالمال كذلك.
عدت من صلاة الجمعة وأنا تحت تأثير ما جاء في حديث الخطيب والمعقب بمشاعر تختلج حزنا وغضبا على حال مسلمي أفريقيا الوسطى، ولكن عندما وصلت مكتبي وبدأت متابعة وارد الأخبار كالعادة طالعت خبراً رجّ مشاعري وأفكاري تجاه مطالبة الكثير من خطباء المساجد والدعاة والسياسيين في بلادنا الإسلامية بمناصرة إخوتنا في مشارق الأرض ومغاربها، هكذا دون فرز، فهل يعقل أن نناصر بعض الجماعات الإسلامية مثل بوكو حرام؟، التي أفادت تقارير صحفية نيجيرية أمس الجمعة، أنها شنت هجوما واسعا على بلدة رئيسية شمال البلاد. وذكرت صحيفة “بريميام تايمز” النيجيرية أن المسلحين استخدموا القنابل وأطلقوا الرشاشات في هجمات ضد سكان مدينة مايدوجوري عاصمة ولاية بورنو، وظلت جماعة “بوكو حرام” التي تعني “التعليم الغربي حرام” منذ العام 2009 تشن هجمات استهدفت بالأساس المسيحيين، وطلاب المدراس والجامعات.
وقد استنكر الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية المصرية ما تزعمه جماعة “بوكو حرام” من تحريم التعليم والاعتداء على الطلاب والمؤسسات التعليمية بحجة أن التعليم الذي يستعمل اللغة الإنجليزية حرام.
وأكد المفتي أن ما تقوم به هذه الجماعة المتشددة بعيد تمامًا عن روح الإسلام السمحة التي تجعل حرمة الدماء أعظم عند الله من هدم الكعبة المشرفة التي هي قبلة المسلمين وبيت الله الحرام، مشددا أن هذه الأفعال النكراء تشوه صورة الإسلام والمسلمين الحضارية أمام العالم.
أعلم أن أمر التناقض في المشاعر والمواقف لا يقتصر فقط على مسلمي أفريقيا الوسطى ضحايا الفتنة الدينية في بلادهم وجماعة بوكو حرام النيجيرية، فالأمثلة والنماذج عديدة؛ ولكن إشارتي هنا ليست نابعة فقط من مشاعر خاصة حركتها خطبة الجمعة بمسجد الخرطوم العتيق، بل نابعة من مفارقة جديرة بالتأمل بأن جماعة بوكو حرام نشرت الأسبوع الماضي على عدة مواقع في الشبكة الدولية أنها ستنتقم لمسلمي أفريقيا الوسطى، وربما كان هجوم الأمس على مدينة مايدوجوري ضمن حملة الانتقام لمسلمي أفريقيا الوسطى من قبل بوكو حرام!
[/JUSTIFY]العالم الآن – صحيفة اليوم التالي