الانقلاب الرقمي
ردات الفعل الغاضبة من المغردين الأتراك على قرار حكومة أردوغان حجب موقع التواصل الاجتماعي الأشهر (تويتر) لا تشكل فقط خيبة جديدة لحكومة أردوغان المثقل ظهرها بسياط الملاحقات القضائية بشأن الفساد والترسيبات الإعلامية قبيل الانتخابات المحلية في نهاية ماسر الجاري، بل يمكن اعتبار ردات الفعل الغاضبة والتضامن الدولي الذي وجدته مؤشراً إلى أن سوح حسم الصراعات السياسية والدولية انتقل إلى الفضاء الإلكتروني، فمع الحجب التركي لـ (توتير) تعرفنا على مصطلح جديد، وهو (الانقلاب الرقمي) كما تصفه وسائل الإعلام التركية المعارضة لأردوغان، فالعالم اليوم دخل مرحلة الانقلابات الرقيمة، بينما لا تزال في الكثير من البلدان الأفريقية الانقلابات العسكرية هي عملة التدوال القسري للسلطة، وفي جميع الانقلابات العسكرية أو الدستورية البيضاء الحمراء جميعها يحتاج مدبرها ومحبطها معا إلى توافر معلومات استخبارية وقدرات على تحليل تلك المعلومات لرسم السيناريوهات والسيناريوهات البديلة والمضادة ومن دخول مرحلة الانقلابات الرقمية باتت التجسس والتصنت للحصول على تلك المعلومات رقيما كذلك، ومن المصادفات ذات المغزى في هذا الإطار أن يتزامن الانقلاب الرقمي التركي والضجة الإعلامية حوله مع اجتماع للرئيس الأميركي باراك أوباما مع المديرين التنفيذيين للعديد من كبري شركات الإنترنت الأميركية من بينها شركة (فيسبوك) للتواصل الاجتماعي وشركة غوغل، بهدف مناقشة مخاوفهم حول برامج المراقبة الخاصة بالحكومة. وقال البيت الأبيض في بيان عقب الاجتماع، إن أوباما وكبار مساعديه اجتمعوا مع ستة مديرين تنفيذيين لمناقشة قضايا تتعلق بالتجسس والتكنولوجيا والخصوصية وأوضح البيت الأبيض: “الرئيس أكد مجددا علي التزام إدارته باتخاذ خطوات يمكنها منح الناس المزيد من الثقة بأن حقوقهم يتم حمايتها وفي نفس الوقت الحفاظ على أدوات مهمة تحمينا”.
الرئيس أوباما يتحدث عن خطوات يمكنها منح الناس الثقة التي فقدوها في الإدارة الأميركية بعد أن كشفت وسائل إعلام أميركية بأن وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة طورت نظام مراقبة قادرا على تسجيل جميع الاتصالات الهاتفية في إحدى الدول الأجنبية ونقلت صحيفة واشنطون بوست عن ملخص سري لنظام المراقبة بأنه بإمكانه تسجيل مليارات المكالمات الهاتفية التي تمسح تلقائيا بعد 30 يوما لالتقاط المزيد.
إدارة الرئيس أوباما تواجه سيل من الانتقادات بسبب كشف إدوارد سنودن، المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية، عن عمليات التجسس الرقمي التي توقم بها الوكالة داخل وخارج الولايات المتحدة، الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقة بين البيت الأبيض من جهة والدول الأوروبية وشركات المعلوماتية من جهة أخرى.
عطفا على بدء فإن تداعيات الانقلاب الرقمي في تركيا بحسب مراقبين ستكون وخيمة على حكومة أردوغان وظهر الخلاف بين رئيس الحكومة أردوغان والرئيس عبد الله غول حول القرار الذي اعتبره الأخير غير مقبول.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي