لسوء الأحوال السياسية

مع إن عامل الوقت الذي يمر دون العثور على أدلة مادية حول مصير الطائرة الماليزية التي دخلت أسبوعها الثالث عاملا حاسما وضاغطا في الوقت نفسه، فقد ألغيت أمس الخميس طلعات الطائرات متعددة الجنسيات التي تبحث عن الطائرة المفقودة ألغيت الطلعات بسبب سوء الأحوال الجوية من هبوط حاد في درجات الحرارة واضطرابات في الطقس تؤدي إلى انعدام الرؤية تقريبا، وطبعا عمليات البحث تحتاج إلى طقس جيد يمكن معه رؤية حطام الطائرة في قاع المحيط الهندي، سوء الأحوال الجوية الذي ألغى رحلات أمس الخميس لا يشكل وحده التحدي الأكبر في العثور على حل للغز الطائرة المحير، حيث تتدوال وسائل الإعلام مقولة لوزير أسترالي يتحدث عن فرص العثور على دليل مادي للطائرة المفقودة، حيث يقول الوزير الأسترالي إن الأمر لا يتعلق بالبحث عن الإبرة في كومة القش كما يقول المثل، ولكننا نبحث ابتداءً عن كومة القش، في إشارة إلى صعوبة المهمة وطول الفترة الزمنية التي تستغرقها.
وبالتالي يصبح العثور على كومة القش في ظل الأجواء الجوية غير المواتية تحديا كبيرا لجهود البحث الدولي ولكن سوء الأحوال الجوية يمكن أن يتغيير بتغيرات المناخ وتقلاباته فالطقس الغائم، قد يغدو صحوا وصفوا لا يعكره شيء، فقط التأثير سيكون نفسيا أكبر على أقارب الضحايا الذين ينتظرون سماع خبر جديد، وهو عامل الوقت الذي أشرنا إلى أهميته سابقا.
قلنا إن سوء الأحوال الجوية ليس هو التحدي الوحيد للجهود الدولية الرامية إلى إزالة الغموض حول مصير الطائرة الماليزية، فوسائل الإعلام الدولية طفقت تتحدث عن سوء الأحوال السياسية والدبلوماسية وانعكاسها على الجهود المشتركة للبحث عن الطائرة. فالتعاون لا يزال محدوداً ويشوبه الكثير من الشك والريبة في تبادل المعلومات والنتائج التي توصل إليها كل فريق، خصوصا وأن بعضها يتصل بالمسائل العسكرية والتقنيات ذات الصلة بالنشاط العسكري. فالدول الست والعشرون التي انخرطت في جهود البحث لا تثق جميعها في بعضها البعض وبعض هذه الدولة بينها خصومة سياسية ومقاطعة دبلوماسية علنية وبعضها بينها منافسة أمنية وتقنية تحول دون التبادل السلس للمعلومات من أجل حل اللغز الذي يتحدى المستوى الذي وصل إليه العالم في مجال الحماية والاستطلاعات والمراقبة والاستخبارات، وهي مجالات ذات حساسية عالية عندما يصبح العمل الجماعي ضرورة فيها.
سوء الأحوال السياسية تحد لا يقل عن سوء الأحوال الجوية. وإن كان الأخير مقدوراً عليه، فإن الأول يبدو من الصعب تجاوزه، فالصين التي تطالب الجانب الماليزي بمدها بالمعلومات وتلح على ذلك لا تقبل أن تتبادل مع الجانب الأميركي المعلومات والتقنيات التي استخدمتها في البحث، وعلى ذلك قس.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي