أحلى صوت The Voice
ملتفا بعلم العراق وملوحا به حينا كان ستّار سعد يحتفل باختيار الجمهور العربي له كأحلى صوت في منافسات الموسم الثاني من برنامج the Voice بنسخته العربية، قائلا سعادتي الكبرى أنني تمكنت من رفع اسم بلدي العراق عاليا.
الفرح الهستيري الذي عبرت عنه الجماهير العراقية بهذا الفوز ليس فقط، لأن الجمهور العربي أجمع على موهبة ستار الذي يستحق الفوز أو لأنه من فريق مطربهم المحبوب جدا كاظم الساهر، ولكن لأن العراق بات محروما من الفرحة فبعد مآسي الاحتلال الأمريكي والأزمات الأمنية والسياسية المتلاحقة بات الأمل معقودا على الأصوات العراقية التي لا تزال تحتزن بعض من العراق الجميل قبل أن تنطفئ منارة العراق الثقافية وإشعاعه الفكري تحت سنابك خيل الاحتلال وما تلاه من واقع سياسي مضرج بدم العنف الطائفي، وبالتالي أفراح العراقيين الهستيرية بفوز ستار كأحلى صوت عربي مبررة تماما، كما يحدث عندما ينتصر منتخب أسود الرافدين لكرة القدم في بطولة آسيا للكبار والناشئين.
ما هذا الزمان الذي عز فيه على العرب الحبور وباتوا يتوسلون إلى ذلك الفرح الغائب من خلال برنامج تلفزيوني تتسابق فيه المواهب الغنائية، الشاخص في الرباعي الذي وصل المرحلة النهائية من مسابقات البرنامج يجد أنهم يمثلون العراق وسوريا ومصر، وهي كما العديد من دولنا العربية تحتاج إلى الفرح الذي غاب عنها في سوح أخرى، وكانت الملاحظة الأبرز أنهم جميعا تغنوا بأغنيات وطنية لبلدانهم من أجل أصوات الجماهير أولا، وتعبيرا عن حالة الاكتئاب السياسي التي تمر بها المنطقة، فقتامة الواقع تجعل الناس يلجأون إلى مواساة أنفسهم بالأغنيات والأناشيد التي تحدث عن أوطان لم تعد في الواقع كما هي في الأناشيد القديمة.
مصر ليست بأفضل حالا من العراق الذي يكابد بالطبع ما تعانيه سوريا، فكلاهما قاتل ومقتول وبينهما (داعش).
السودان هو الآخر كان يأمل في فرحة العراق المستحقة عبر الشاب (نايل) الذي بلغ دور الثمانية، وهو مؤهل لأن يمضي بعيدا في المنافسة لموهبته الفذة وأسلوبه المغاير، ولكننا أشبعناه كعادتنا هجوما على مسعاه لجلب الفرح إلينا، بحجة أنه يتغنى بلسان غير مبين، بينما كان نجم ختام البرنامج هو المغنّي البورتوريكي ريكي مارتن حتى في غناء كاظم وصابر وعاصي وشيرين في تلك الليلة، فخلال وصلتين أداهما النجم العالمي كان المسرح يضج بالتصفيق الحار، وكنت أرى أن نايل يستحق ولو بعض من ذلك التجاوب العربي الكبير مع الغناء بالإنجليزية، ولكن يبدو أننا سننتظر كثيرا حتى تأتينا الفرحة التي لا تأملوا كثيرا في أن تأتيكم من خلال (الحوار الوطني) المنشود على أهميته كبدليل للحرب التي عطلت الكثير من القدرات والطاقات والأحلام كذلك!
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي