تداعيات الانسحاب التشادي
أعلن وزير الخارجية التشادي موسى فكي محمد أمس الأول الجمعة في تصريح لإذاعة فرنسا الدولية أن قرار بلاده الانسحاب من أفريقيا الوسطى لا رجعة فيه، معتبرا أن تشاد تتعرض إلى (تنكيل منهجي) وأنها (تحملت ما فيه الكفاية).
لا شك أن انسحاب القوات التشادية التي تعد من أكبر المكونات في القوة الأفريقية المنتشرة في أفريقيا الوسطى حيث يبلغ قوامها 850 عنصرا لا شك سيخلف ذلك فراغا في المهمة الدولية لإرساء السلام والاستقرار في أفريقيا الوسطى، حيث يأتي الانسحاب التشادي في وقت تطالب فيه فرنسا والأمم المتحدة بتعزيزات عسكرية من أجل إرساء السلام في بلد تلتهم نيران العنف الطائفي كل أجزائه.
القوات التشادية وقعت تحت نيران الاتهامات من قبل المليشيات المسيحية بتورط جنود تشاديين في مقتل 24 مدنيا في العاصمة بانغي، بينما كان رد وزير الخارجية التشادي أمس للإذاعة الفرنسية بأن الجنود التشاديين “سقطوا في كمين نصبته مليشيات (أنتي بالاكا) المسيحية فردوا بطبيعة الحال وأثار ذلك جدلا واسعا، في حين أن القوات الفرنسية متهمة دوما بأنها لا تحمي المسلمين الذين يتعرضون للإبادة في أفريقيا الوسطى، وأبدى الرئيس الفرنسي اعترافا مبطنا بذلك عندما قال إن الوضع الأمني في أفريقيا الوسطى (تدهور) وإن المسلمين “مستهدفون مباشرة” فيها.
طالما فرنسا هي التي تقود العملية الأمنية في أفريقيا الوسطى، فهي المسؤولة عن وقف هذا الاستهداف المباشر الذي أشار إليه هولاند.
ومن المفارقات أن الجيش التشادي الذي دخل مساندا للقوات الفرنسية في مالي ووجد الإشادة هو نفسه الذي يتعرض للهجوم في أفريقيا الوسطى، وإن تداعيات هذا الانسحاب يجب أن لا تتجاوز الفراغ الأمني فحسب، فالبلدان يجب أن يكون هناك تنسيق بينهما بسبب الحدود الجغرافية الطويلة بينهما والتداخل الإثني الكبير، فتشاد شريك أصيل في عملية الأمن والاستقرار في أفريقيا الوسطى.
يتزامن الانسحاب مع تجديد زعماء أوروبيين وأفارقة بقيادة فرنسا أمس التزامهم وقف دوامة العنف في أفريقيا الوسطى، حيث سينشر الاتحاد الأوروبي قبيل نهاية مايو نحو 800 جندي. وأيَّد اجتماع رفيع المستوى افتتح القمة الرابعة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا في بروكسل “التزام الاتحاد الأوروبي وأفريقيا المشترك الرد” على هذه الأزمة “والمساهمة في إرساء استقرار دائم في البلاد”، استناداً على خلاصات تبناها قادة أكثر من 20 دولة أوروبية وأفريقية. ودعا الزعماء “جميع سكان أفريقيا الوسطى إلى تسليم السلاح”، معربين عن قلقهم من تصاعد العنف بين المجموعتين المسيحية والمسلمة. وفي شأن هذا الملف ومجمل العلاقات مع أفريقيا، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عزمهما على مزيد من العمل معا.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي