فلسطين واتفاقيات جنيف
أصبحت “فلسطين” رسمياً عضواً في “اتفاقيات جنيف”، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية السويسرية ووصفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالخطوة التاريخية وتكمن أهمية انضمام فلسطين (الدولة غير كاملة العضوية بالأمم المتحدة) في أن هذه الاتفاقيات الأربع التي انضمت إليها فلسطين هي الاتفاقيات التي ترتكز عليها نصوص القانون الإنساني الدولي، خاصة في ما يتعلق بأحكام الصراعات المسلحة، والمناطق الواقعة تحت الاحتلال وهي اتفاقيات جنيف الأربع، والبروتوكول الإضافي الأول، وتأتي هذه الخطوة التاريخية وفي وقت أعلنت فيه وزارة الخارجية الفلسطينية عن تسلمها إخطارات من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بقبول إيداع مجموعة من الاتفاقيات، التي وقعها عباس، باعتباره “رئيس دولة فلسطين”، في الأول من أبريل الجاري، بالانضمام إلى 15 منظمة واتفاقية دولية.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن انضمام دولة فلسطين إلى المعاهدات الدولية التي طلبت الانضمام إليها سيدخل حيز التنفيذ في الثاني من مايو القادم، أي بعد 30 يوما من توقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على طلبات رسمية بالانضمام إلى هذه المعاهدات.
طبعا بدخولها حيز التنفيذ في مايو يشكل هذا الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية سياجا قانونيا يحمي حقوق الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي حتى وإن لم يعر الاحتلال كعادته اهتماما أو احتراما للقوانين والمواثيق الدولية ولكن الخطوة التي وصفها الرئيس أبومازن بالتاريخية هي كذلك لأنها تجعل باقي الأطراف الدولية تتعامل مع الاحتلال كاحتلال على غرار حملات المقاطعة الأوروبية للمنتجات الإسرائيلية التي منشؤها المستوطنات غير الشرعية، ما يعطي هذه البلدان مبررات أخلاقية وقانوينة لتشديد المقاطعة الاقتصادية لدولة الاحتلال.
الانضمام للاتفاقيات والمنظمات الدولية من شأنه ردع الاحتلال بالقانون ومنعه من ارتكاب بعض الجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني، كما أنه يعزز احترام الحقوق والتمسك بها ما يوفر بيئة أفضل للمفاوضات الراهنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويثير الرفض الأمريكي للخطوة الفلسطينية تساؤلات عدة تتعلق بمواقف أمريكية تبدو منسجمة مع الاحتلال الإسرائيلي ومناقضة للإجماع الدولي، بل حتى للمساعي الأمريكية التي تتعلق برعايتها لعملية التفاوض بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تلك العملية التي باتت مهددة بالانهيار بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي، فلو أن الولايات المتحدة شجعت دولة فلسطين على الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية فإن ذلك يشجع تلقائيا الطرفين على الدخول في المفاوضات ولكن الرفض الأمريكي جاء بسبب النظر إلى الخطوة التاريخية التي اتخدتها الدولة الفلسطينية باعتبارها ورقة ضغط فلسطينية في المفاوضات المتعثرة التي تحتاجها واشنطون بشدة لإنقاذ جهودها لحل الأزمة وبدلا عن ممارسة المزيد من الضغوط على الطرف المتنعت ترفض للفلسطينيين ممارسة حقهم في الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوقهم خصوصا ما يتعلق بمعاملة الأسرى والأطفال والنساء تحت الاحتلال.
[/JUSTIFY]العالم الآن – صحيفة اليوم التالي