محمود الدنعو

هذا لا يليق بالسنغال


[JUSTIFY]
هذا لا يليق بالسنغال

أخيرا وصل الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد، دكار بعد دراما سياسية (كومو تراجيدية) كان مسرحها ثلاث عواصم باريس التي غادرها واد في طريقه إلى دكار والرباط محطة العبور السريع التي اضطر للمكوث بها ثلاثة أيام ريثما تسمح السلطات السنغالية لطائرته بالهبوط في دكار مساء الجمعة.
والرئيس واد غاب عن بلاده لعامين مستقرا في باريس بعد الهزيمة في الانتخابات التي فاز فيها مكي سال في الجولة الثانية في العام 2012 ليضع حدا لسنوات حكم عبد الله واد التي امتدت من العام 2000.
الدراما التي تابعها العالم نهاية الأسبوع الماضي تؤكد مرة أخرى أن انتقال السلطة في أفريقيا سواء أكان عبر صناديق الاقتراع أو صناديق الذخيرة لا تنتهي معاركته بإعلان النتائج ومبادرة المهزوم بتهئنة الفائز، وفي حالة أن يكون الخاسر رئيسا سابقا يتحول إلى شخصية عامة تحظى بالاحترام بالنظر إلى سنوات خدمته للشعب، ويمضي باقي عمره في الأعمال الخيرية أو كتابة مذكراته، ولكن في أفريقيا لا نزال بعيدين عن ذلك المثال والنموذج المطبق في الكثير من الدول الأوروبية وبعض دول آسيا كحالة الرئيس مهاتير محمد في ماليزيا مثلا.
الدراما التي أشرنا إليها تمثلت في أن الرئيس واد قرر العودة إلى بلاده بعد عامين من الغياب الاختياري في فرنسا، وذلك لدعم ابنه كريم واد الموقوف على ذمة قضية كسب غير مشروع خلال سنوات حكم والده، حيث عمل كريم مستشارا ووزيرا بصلاحيات واسعة، وكان من المقرر أن تقلع طائرة الرئيس واد يوم الأربعاء من الدار البيضاء متجهة إلى دكار، ولكن السلطات في دكار حالت دون ذلك، بحجة أنها تريد الانتهاء من الإجراءات اللازمة لاستقبال الرئيس السابق بتأمين الطرقات المؤدية إلى المطار، وهو التأمين الذي تريد السلطات القيام به ليس لحماية الرئيس السابق، فهو لم يتلق تهديدا مباشرا لحياته، وإنما للحيلولة دون أنصار حزبه (الحزب الديموقراطي السنغالي) الذين كانوا يخططون لاستقباله جماهيريا.
وزير الخارجية السنغالي، الذي كان موجودا كذلك في المغرب إبان فترة الدراما السياسية قال لوسائل الإعلام المغربية أن واد مرحّب به في بلده، إلا أنه وصف هذه العودة بـ “السياسية”، مضيفًا أن واد وأنصاره اختاروا التسييس لبث الاضطرابات وإثارة المتاعب، أيامًا قليلة قبل إيداع الترشيحات للانتخابات.
مهما تكن دفوعات السلطات السنغالية فإن الرئيس السابق من حقه العودة إلى بلاده متى شاء، ويجب أن يحظى باستقبال لائق به كرئيس سابق لا كخصم سياسي يخشى تأثيره على الانتخابات المقبلة، وهو من حقه وحق حزبه، فالسنغال التي قدمت نموذجا لأفريقيا من خلال الرئيس الشاعر سينغور لا يليق بها هذا التصرف.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي